( القسم الثالث ) وهو نوعان : ما قبضه لمنفعة تعود إليهما
أحدهما ما أخذه على وجه الملك فتبين فساده أو على وجه السوم فأما الأول فهو المقبوض بعقد فاسد وهو مضمون في المذهب لأنه قبضه على وجه الضمان ولا بد ونقل ابن مشيش وحرب عن ما يدل على أنه غير مضمون كالمقبوض على وجه السوم . أحمد
وكذلك صرح بجريان الخلاف فيه في فتاويه ونقل ابن الزاغوني عن حنبل في الهبة للثواب إن أراد ردها على صاحبها . أحمد
وقد نقصت بغير استعماله لم يضمن النقص وشبهه بالرهن وتأوله بتأويل بعيد جدا وقد رده القاضي أبو البركات في تعليقه على الهداية ثم اختار هو [ ص: 60 ] تخريجه على أن الهبة للثواب يغلب فيها حكم الهبات ومن حكم الهبة أن لا يضمن نقصها قال ولازم هذا أن نقول لا يضمن قيمتها إذا تلفت بغير تعد قال وهذا عندي أحسن الوجوه قال ومع هذا ففيه نظر وهو كما قال لأنه لو كان كذلك لما فرق بين أن تنقص بفعله أو بغير فعله ولما صح تشبهه بالرهن .
ويحتمل عندي تخريجه على أحد وجهين إما أن يكون على أن الهبة بالثواب المجهول فاسدة فيكون [ ذلك ] موافقا لما روي عنه في المقبوض بعقد فاسد أنه غير مضمون وإما على أنها صحيحة وهو الأظهر لقوله ثم أراد رده إلى مالكه فدل على أن له إمساكه وذلك لا يكون [ إلا ] مع الصحة فعلى هذا إنما لم يضمنه النقص لأن الهبة للثواب لا تملك بدون دفع العوض وكذلك شبهها بالرهن وسنزيده إيضاحا في المقبوض بالسوم إن شاء الله تعالى ، وأما المقبوض على وجه السوم فمن الأصحاب من يحكي في ضمانه روايتين سواء أخذ بتقدير الثمن أو بدونه وهي طريقة ، القاضي وصحح الضمان لأنه مقبوض على وجه البدل والعوض فهو كالمقبوض بعقد فاسد ثم إن كان لم يقدر الثمن ضمنه بقيمته وإلا فهل يضمنه بالقيمة أو بالثمن [ المقدر ] ؟ على وجهين ذكرهما وابن عقيل وقال ابن عقيل ابن أبي موسى إن أخذه مع تقدير الثمن ليريه أهله فإن رضوه ابتاعه فهو مضمون بغير خلاف ، وكذلك إن ساوم صاحبه به ولم يقطع ثمنه وأخذه ليريه أهله وإن أخذه بإذن مالكه من غير سوم ولا قطع ثمن ليريه أهله فإن رضوه وزن ثمنه ففيه روايتان أيضا أظهرهما أنه غير مضمون عليه وجعل السامري الضمان فيما قطع ثمنه مبنيا على أنه بيع بالمعاطاة بشرط الخيار وهذا يدل على أنه يجري فيه الخلاف إذا قلنا لم ينعقد البيع بذلك وفي كلام إيماء إلى ذلك لأنه علل الضمان في رواية أحمد ابن منصور بأنه ملكه وعلل في رواية غيره انتفاء الضمان فيما إذا لم يقطع ثمنه بأنه ملك للبائع بعد حتى يقطع ثمنه ففهم منه أنه مع القطع ينتقل الملك فيه إلى المشتري ويؤخذ من ذلك أن المقبوض بعقد فاسد لا يضمن أيضا لبقاء الملك فيه لمالكه ، وكذلك فرق بين أن يكون المأخوذ سلعتين ليختار أيتهما شاء فلا يضمنها وبين أن يكون سلعة واحدة وهذا يحتمل ثلاثة أمور ( أحدها ) ما قال السامري أنه بيع بشرط الخيار ويكون المعلق على الرضا فسخه لا عقده .
( والثاني ) أن يكون بيعا معلقا على شرط فقد فعله بنفسه لما رهن نعله بالثمن ويبعد هذا أنه لم يفرق بين أن يتلف قبل الرضى به أو بعده . أحمد
( والثالث ) : أن يكون بيعا بمعاطاة تراخى القبول فيه عن المجلس وقد نص على صحة مثل ذلك في النكاح في رواية أبي طالب ، ومن هذا النوع ما إذا قبض المشتري زيادة على حقه غلطا فإنها تكون مضمونة عليه لأنه قبضها على وجه العوض ذكره القاضي والأصحاب ويحتمل أن لا يضمن على [ ص: 61 ] معنى تعليل وابن عقيل في المقبوض بالسوم أنه على ملك البائع ومن ذلك لو دفع إليه كيسا وقال له استوف منه قدر حقك ففعل فهل يصح ؟ على وجهين بناء على قبض الوكيل لنفسه من نفسه والمنصوص الصحة نص عليه في رواية أحمد ويكون الباقي في يده وديعة وعلى عدم الصحة قدر حقه كالمقبوض بالسوم والباقي أمانة ذكره في التلخيص ولو دفع إلى غريم له نقدا من غير جنس ما عليه ليصارفه عليه فيما بعد فهي أمانة محضة نص عليه مع أنها قبضت من المضمون للمعاوضة وقياس قول الأصحاب أنها مضمونة كما قالوا في الضامن إذا قبض من المضمون عنه قبل الأداء على وجه الاستيفاء منه عند الوفاء أنه مضمون لقبضه على وجه المعاوضة وأولى لأن القبض هنا وجد قبل الاستحقاق فهو كما لو أقبضت المرأة زوجها مالا عوضا عما يستحقه عليها بالطلاق قبله . الأثرم
( النوع الثاني ) ما أخذ لمصلحتهما على غير وجه التمليك لعينه كالرهن والمضاربة والشركة والوكالة بجعل والوصية كذلك فهذا كله أمانة على المذهب ، وفي الرهن رواية أخرى تدل على ضمانه وتأولها وأثبتها القاضي والأعيان المستأجرة والموصى بمنفعته أمانة كالرهن لأنه مقبوض على وجه الاستحقاق . ابن عقيل