( ومنها ) اختلف كلام الأصحاب في ذلك وصرح الأكثرون بأنه كمتعلق الرهن ويفسر بثلاثة أشياء : أحدها ، أن تعلق الدين بالتركة وبكل جزء من أجزائها فلا ينفك منها شيء حتى يوفى الدين كله . وصرح بذلك تعلق حق الغرماء بالتركة هل يمنع انتقالها بالإرث على روايتين ، وهل هو كتعلق الجناية أو الرهن ؟ في خلافه إذا كان الوارث واحدا قال وإن كان جماعة انقسم عليهم بالحصص ويتعلق كل حصة من الدين بنظيرها من التركة وبكل جزء منها لا ينفك منها شيء حتى يوفي جميع تلك الحصة ولا فرق في ذلك بين أن [ ص: 194 ] يكون الدين مستغرقا للتركة أو غير مستغرق صرح به جماعة منهم صاحب الترغيب في التفليس . القاضي
الثاني : أن الدين في الذمة ويتعلق بالتركة وهل هو في ذمة الميت أو الورثة ؟ على وجهين سبق ذكرهما .
والثالث : أنه يمنع صحة التصرف وفي ذلك وجهان أيضا سبقا وهل تعلق حقهم بالمال من حين المرض أم لا ؟ تردد الأصحاب في ذلك ونقل عن الميموني أحمد ؟ قال : نعم ، قلت : هذا ليس له مال ، قال : أليس ثلثه له ؟ قلت : ليس هذا المال له ، قال : أليس هو الساعة في يده ؟ قلت : بلى ، ولكنه لغيره ، قال : دعها فإنها مسألة فيها لبس ، والذي كان عنده على ما ناظرته أن هذا جائز . واستشكل فيمن عليه دين يحيط بجميع ما ترك يجوز له أن يعتق ويهب يعني الميت هذه الرواية فيما قرأته بخطه وجعل ظاهرها صحة الوصية بالثلث مع الدين وحملها على أحد وجهين : إما أن يكون حكم المريض مع الغرماء كحكمه مع الورثة لتعلق حق الجميع بماله فلا يكون ممنوعا من التصرف بالثلث مع واحد منهما . أو أن يقف صحة تصرفه على إجازة الغرماء . وقال القاضي الشيخ تقي الدين هي بدل على أن الغرماء لا يتعلق حقهم بالمال إلا بعد الموت ; لأن حقهم في الحياة في ذمته والورثة لا يتعلق حقهم بالمال مع الدين فيبقى الثلث الذي ملكه الشارع التصرف فيه لا مانع له من التصرف فيه فينفذ تصرفه فيه منجزا لا معلقا بالموت بخلاف الزائد على الثلث إذا لم يكن عليه دين فإن حق الورثة يتعلق به في مرضه إذ لا حق لهم في ذمته .
قلت : وتردد كلام القاضي في خلافيهما في وابن عقيل ففي موضع جزما بثبوت المنع لهم لتعلق حقوقهم بماله وأنكر ذلك في مواضع . المريض هل لورثته منعه من إنفاق جميع ماله في الشهوات أم لا ؟