ومنها : لو رمى إلى مرتد أو إلى حربي فأسلما ثم وصل إليهما السهم فقتلهما  فلا قود بغير خلاف ; لأن دمهما حال الرمي كان مهدرا ، وهل يجب الضمان ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدها : وجوبه فيهما قاله  القاضي  في خلافه والآمدي   وأبو الخطاب  في موضع من الهداية ، وعزاه غير واحد إلى  الخرقي  اعتبارا بحالة الإصابة وهما حينئذ مسلمان معصومان ، ولا أثر لانتفاء العصمة حال السبب ، كما لو حفر بئرا لهما فوقعا فيها بعد إسلامهما فإنه يضمنها بغير خلاف ذكره  القاضي  وغيره قال  القاضي    : ولا نسلم أن رمي الحربي والمرتد مباح مطلقا بل هو مراعا فإن أسلم قبل الوقوع تبينا أنه لم يكن مباحا . 
والثاني : لا ضمان فيهما وهو أشهر ، وحكاه  القاضي  في رواية عن أبي بكر  في المرتد ، وقال لا خلاف فيه في المذهب ; لأن رميهما كان مأمورا به ، وقد حصل على وجه لا يمكن تلافيه ، فأشبه ما إذا جرحهما ثم أسلما . 
والثالث : يضمن المرتد دون الحربي وأصل هذا الوجه طريقة  القاضي  في المجرد  وابن عقيل   [ ص: 292 ]  وأبو الخطاب  في موضع من الهداية أنه لا يضمن الحربي بغير خلاف ; وفي المرتد وجهان ، والفرق أن المرتد قتله إلى الإمام فالرامي إليه متعد وهو كالرامي إلى الذمي ، بخلاف الحربي فإن لكل أحد قتله ، فرميه ليس بعدوان ، أما عكسه وهو لما رمى إلى معصوم فأصابه السهم وهو مهدر كمسلم ارتد  وذمي نقض العهد بين الرمي والإصابة فلا ضمان بغير خلاف أعلمه بين الأصحاب ; لأن الإصابة لم تصادف معصوما ، فهو كما لو رمى معصوما ، فأصابه السهم بعد موته ، وكذلك لو رمى عبدا قيمته عشرون دينارا فأصابه السهم وقيمته عشرة  فإنه يضمنه بقيمته وقت الإصابة لا وقت الرمي بغير خلاف ذكره  القاضي  وغيره . 
				
						
						
