فإن قيل ؟ قلنا نعم فإن الإيمان الأول والتعرف الأول مفروض بالإجماع ، واستحضارها بعد ذلك نفل لا يلزم تعاطيه ، فيكون تفاوتهما لسبب الفرضية والنفلية لا بتفاوت شرفهما في أنفسهما فإنهما متساويان في الشرف والكمال ، إلا ما استثني من وجوب هل تتفاوت رتب المعارف والإيمان بالفرض والنفل ، كما تفاوتت رتب العبادات بالفرض والنفل ونحوه . التشهد في الصلاة
وأما التفاوت في الأحوال فظاهر فإن مرتبة التعظيم والإجلال أكمل من مرتبة الخوف والرجاء ، لأن الإعظام والإجلال صدرا عن ملاحظة الذات والصفات فكان لهما شرفان : أحدهما من مصدرهما ، والثاني من تعلقهما .
وأما الخوف والرجاء فإن الخوف صدر على ملاحظة العقوبات والرجاء صدر عن ملاحظة المثوبات ، وتعلقا بما صدرا عنه فانحطا عن التعظيم والإجلال بمرتبتين ، وكذلك رتبة المحبة الصادرة عن ملاحظة الإنعام والأفضال منحطة عن رتبة المحبة الصادرة عن ملاحظة الكمال والجمال ، لصدور تلك المحبة عن ملاحظة الأغيار ، وصدور محبة الإجلال عن ملاحظة أوصاف الجمال والكمال ، والتعظيم والمهابة أفضل من المحبة الصادرة عن معرفة الجلال والجمال لما في المحبة من اللذة بجمال المحبوب ، بخلاف المعظم الهائب فإن الهيبة والتعظيم يقتضيان التصاغر والانقباض ، ولا حظ للنفس في ذلك فخلص لله وحده .