الضرب الثالث : تهمة مختلفة في رد الشهادة والحكم بها ولها رتب .
أحدها : تهمة قوية ، وهي تهمة فالأصح أنها موجبة للرد لقوة التهمة ، وعن شهادة الوالد لأولاده وأحفاده ، أو لآبائه وأجداده - رحمه الله تعالى - روايات ، ثالثها : رد شهادة الأب وقبول شهادة الابن ; لقوة تهمة الأب لفرط شفقته وحنوه على الوالد . أحمد
الرتبة الثانية : تهمة ، وهي موجبة للرد لقوة التهمة ، وخالف فيها بعض العلماء . شهادة العدو على عدوه
الرتبة الثالثة : تهمة وفيها أقوال ، ثالثها : رد شهادة الزوجة دون الزوج ; لأن تهمتها أقوى من تهمة الزوج ; لأن ما ثبت له من الحق متعلق لكسوتها ونفقتها وسائر حقوقها . أحد الزوجين إذا شهد للآخر
[ ص: 37 ] الرتبة الرابعة : تهمة ، والأصح أنها لا توجب الرد إذ كان الحاكم ظاهر التقوى والورع . القاضي إذا حكم بعلمه
الرتبة الخامسة : تهمة ، وهي موجبة للرد عند الحاكم في إقراره بالحكم رحمه الله ، غير موجبة له عند مالك رحمه الله ; لأن من ملك الإنشاء ملك الإقرار ، والحاكم مالك لإنشاء الحكم ، فملك الإقرار به ، وقول الشافعي رحمه الله متجه إذا منعنا الحكم بالعلم . مالك
الرتبة السادسة : ، فإن سمع البينة وفوض الحكم إلى غيره فوجهان . تهمة حكم الحاكم مانعة من نفوذ حكمه ; لأولاده وأحفاده وعلى أعدائه وأضداده
وقال الإمام رحمه الله الأصح أنه لا يحكم بعلمه هاهنا ، وإن جوزنا الحكم بالعلم .
وإن حكم بالبينة فوجهان ، وإنما ردت الشهادة بالتهم من جهة أنها مضعفة للظن المستفاد من الشهادة ، موجبة لانحطاطه عن الظن الذي لا يعارضه تهمة ، ولأن داعي الطبع أقوى من داعي الشرع ، ويدل على ذلك رد شهادة أعدل الناس لنفسه ورد حكم أقسط الناس لنفسه .
فإن قيل : لم رجعتم في الجرح والتعديل إلى علم الحاكم ؟ قلنا : لو لم نرجع إليه في التفسيق لنفذنا حكمه بشهادة من أقر بأنه لا يصلح للشهادة ، وإقراره بفسق الشاهد يقتضي إبطال كل حكم ينبني على شهادته .
وأما التعديل فإنه مسند في أصله إلى علمه ، فإنه لا تقبل التزكية إلا ممن عرف بالعدالة ، وكذلك تزكية المزكي ومزكي المزكي إلى أن يستند ذلك إلى علمه .
فإن قيل : لم حرمتم على الحاكم ألا يحكم بخلاف علمه ؟ قلنا : لأنه لو حكم بخلاف علمه لكان قاطعا ببطلان حكمه ، والحكم على الباطل محرم في كل ملة ، فإنه إذا رأى رجلا قتل رجلا فادعى الولي القتل على غير [ ص: 38 ] القاتل فأقر المدعى عليه بالقتل ، أو قامت به بينة عادلة ، فلا يجوز له قتل غير القاتل لعلمه بكذب المقر والبينة ، فلو حكم بذلك لكان حكما بغير حجة شرعية ، بل هو أقبح من الحكم بغير حجة شرعية ; لأنه إذا حكم بغير حجة شرعية جاز أن يكون ما حكم به حقا موافقا للباطل .
وأما هاهنا فإنه ظالم باطنا وظاهرا ويجب عليه القصاص .