المثال الثاني : إذا ، فقد اختلف العلماء فيه ، فسمع تأمل الناس الهلال فشهد برؤيته عدلان منهم ، ولم يتفوه غيرهما برؤيته رحمه الله شهادتهما وظهور صدقهما بما ثبت من عدالتهما الوازعة عن الكذب ، ورأى بعض [ ص: 57 ] العلماء رد شهادتهما ; لأن العادة تكذبهما ، فإن العادة أن الجمع الكثير إذا رأوا الهلال شهروه وتفوهوا برؤيته ، فإذا لم يتفوه برؤيته إلا الشاهدان دل الظاهر المستفاد من العادة على كذبهما أو على ضعف الظن المستفاد من قولهما ، فهذه كلها من الدلائل على ثبوت الأحكام ولا يكذب شيء من هذه الدلائل إلا نادرا ، فلذلك اعتمد الشرع عليها كي لا تفوت مصالح كثيرة غالبة خوفا من وقوع مفاسد قليلة نادرة . الشافعي