وإذا انتقلت إلى ولي عهده وقام خلعه مقام موته ، ولو خلع الخليفة نفسه لم يقدم أحدهما على الآخر جاز واختار أهل الاختيار أحدهما بعد موته كأهل الشورى فإن عهد الخليفة إلى اثنين رضي الله عنه جعلها في ستة . عمر
حكى عن ابن إسحاق الزهري عن قال : وجدت ابن عباس ذات يوم مكروبا فقال ما أدري ما أصنع في هذا الأمر ؟ أقوم فيه وأقعد ؟ فقلت هل لك في عمر ؟ فقال إنه لها لأهل ولكنه رجل فيه دعابة وإني لأراه لو تولى أمركم لحملكم على طريقة من الحق تعرفونها ، قال قلت فأين أنت عن علي عثمان ؟ فقال لو فعلت لحمل ابن أبي معيط على رقاب الناس ثم لم تلتفت إليه العرب حتى تضرب عنقه ، والله لو فعلت لفعل ولو فعل لفعلوا ; قال فقلت ؟ قال إنه لزهو ما كان الله ليوليه أمر أمة فطلحة محمد صلى الله عليه وسلم مع ما يعلم من زهوه ، قال قلت ؟ قال إنه لبطل ولكنه يسأل عن الصاع والمد فالزبير بالبقيع بالسوق أفذاك يلي أمور المسلمين ؟ قال فقلت ؟ قال ليس هناك إنه لصاحب مقتب يقاتل عليه ; فأما ولي أمر فلا ، قال فقلت سعد بن أبي وقاص ؟ قال نعم الرجل ذكرت لكنه ضعيف ، إنه والله لا يصلح لهذا الأمر يا فعبد الرحمن بن عوف إلا القوي في غير عنف اللين من غير ضعف ، والممسك من غير بخل ، والجواد في غير إسراف . قال ابن عباس فلما جرحه ابن عباس أبو لؤلؤة وآيس الطبيب من نفسه وقالوا له اعهد جعلها شورى في ستة وقال : هذا الأمر إلى وبإزائه علي ، وإلى الزبير عثمان وبإزائه وإلى عبد الرحمن بن عوف وبإزائه طلحة ، فلما جاز الشورى بعد موت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال عمر اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم ، فقال عبد الرحمن جعلت أمري إلى الزبير ، وقال علي جعلت أمري إلى طلحة عثمان ، وقال جعلت أمري إلى سعد عبد الرحمن فصارت الشورى بعد الستة في هؤلاء الثلاثة وخرج منها أولئك [ ص: 14 ] الثلاثة ، فقال أيكم يبرأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه شهيد ليحرص على صلاح الأمة فلم يجبه أحد ، فقال عبد الرحمن أتجعلونه إلي وأخرج نفسي منه والله علي شهيد على أني لا آلوكم نصحا فقالا نعم فقال قد فعلت فصارت الشورى بعد الستة في ثلاثة ثم بعد الثلاثة في اثنين عبد الرحمن علي وعثمان ثم مضى ليستعلم من الناس ما عندهم فلما أجنهم الليل استدعى عبد الرحمن وأشركه معه ثم حضر فأخذ على كل واحد منهما العهود أيهما بويع ليعملن بكتاب الله وسنة نبيه ولئن بايع لغيره ليسمعن وليطيعن ثم بايع المسور بن مخرمة . عثمان بن عفان
فكانت أصلا في انعقاد الإمامة بالعهد وفي الشورى التي دخل أهل الإمامة فيها وانعقد الإجماع عليها باختيار أهل الحل والعقد ، فلا فرق بين أن تجعل شورى في اثنين أو أكثر إذا كانوا عددا محصورا . انعقاد البيعة بعدد يتعين فيه الإمامة لأحدهم
ويستفاد منها أن لا تجعل الإمامة بعده في غيرهم ، جاز لمن أفضت إليه الإمامة أن يعهد بها إلى غيرهم ، وليس لأهل الاختيار إذا جعلها الإمام شورى في عدد أن يختاروا أحدهم في حياة المستخلف العاهد إلا أن يأذن لهم في تقديم الاختيار في حياته لأنه بالإمامة أحق فلم يجز أن يشارك فيها ، فإن فإذا تعينت بالاختيار في أحدهم استأذنوه واختاروا إن أذن لهم ، فإن صار إلى حال إياس نظر ، فإن زال عنه أمره وغرب عنه رأيه فهي كحاله بعد الموت في جواز الاختيار ، وإن كان على تمييزه وصحة رأيه لم يكن لهم الاختيار إلا عن إذنه . خافوا انتشار الأمر بعد موته
حكى أن ابن إسحاق رضي الله عنه لما دخل منزله مجروحا سمع هدة فقال ما شأن الناس ؟ قالوا يريدون الدخول عليك فأذن لهم ، فقالوا : اعهد يا أمير المؤمنين استخلف علينا عمر عثمان : فقال كيف يحب المال والجنة فخرجوا من عنده ، ثم سمع لهم هدة فقال ما شأن الناس ؟ قالوا يريدون الدخول عليك فأذن لهم فقالوا استخلف علينا ، قال إذن يحملكم على طريقة هي الحق ، قال علي بن أبي طالب فاتكأت عليه عند ذلك وقلت يا أمير المومنين وما يمنعك منه ؟ فقال يا بني أتحملها حيا وميتا ؟ ، عبد الله بن عمر