1647 5 - باب في الاستعفاف
89 \ 1582 - وعن ابن الساعدي قال: على الصدقة، فلما فرغت منها وأديتها إليه، أمر لي بعمالة، فقلت: إنما عملت لله، وأجري على الله، قال: خذ ما أعطيت، فإني قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني، فقلت مثل قولك، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأله فكل وتصدق . استعملني
[ ص: 272 ] وأخرجه البخاري ومسلم بنحوه. ورواه والنسائي عن الزهري، السائب بن يزيد، عن حويطب بن عبد العزى، عن عبد الله بن السعدي، عن فاجتمع في إسناده أربعة من الصحابة، وهو من الأحاديث التي جاءت كذلك. ووقع في حديث عمر، الليث بن سعد: "ابن الساعدي" كما قدمناه، وهو عبد الله بن السعدي، ولم يكن سعديا، وإنما قيل لأبيه: السعدي، لأنه كان مسترضعا في بني سعد بن بكر، وهو قرشي عامري مالكي، من بني مالك بن حسل، واسم السعدي: عمرو بن وقدان، وقيل: قدامة بن وقدان. وأما الساعدي: فنسبة إلى بني ساعدة من الأنصار، من الخزرج، ولا وجه له ههنا، إلا أن يكون له نزول أو حلف أو خؤولة، أو غير ذلك.
وقوله: "فعملني" بفتح العين المهملة، وتشديد الميم وفتحها، أي: جعل لي العمالة، وهي أجرة العمل. وفيه جواز قيل: وليس معنى الحديث في الصدقات، وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام على أغنياء الناس وفقرائهم، واستشهد بقوله في بعض طرقه "يتموله"، وقال: الفقير لا ينبغي أن يأخذ من الصدقة ما يتخذه مالا، كان عن مسألة أو عن غير مسألة . أخذ الأجرة على أعمال المسلمين وولاياتهم الدينية والدنيوية،
واختلف العلماء فيما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عمر من ذلك، بعد إجماعهم على أنه [ ص: 273 ] أمر ندب وإرشاد، فقيل: هو ندب من النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أعطي عطية، كانت من سلطان أو عامي، صالحا كان أو فاسقا، بعد أن يكون ممن تجوز عطيته، حكى ذلك غير واحد، وقيل: ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ندب إلى قبول عطية من غير السلطان، فأما السلطان، فبعضهم منعها، وبعضهم كرهها، وقال آخرون: ذلك ندب لقبول دون غيره، ورجح بعضهم الأول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخص وجها من الوجوه. تم كلامه.
هدية السلطان