المطلب الرابع
شهادة العدل بوصية لصغير
اختلف العلماء فيها على أقوال:
القول الأول: أن الورثة يحلفون لرد شهادة الشاهد، ويوقف الموصى به تحت أيديهم يستغلونه حتى يبلغ الصغير، فإذا بلغ حلف، وأخذ وصيته، وإن نكل رجعت ميراثا بين الورثة، ولا يحلفون ثانية; إذ لا يحلف على شيء واحد مرتين.
وإن مات الصغير قبل بلوغه حلف وارثه ، واستحق وصيته ; لقوله تعالي: ولكم نصف ما ترك أزواجكم ، فيدخل في التركة كل ما تركه الميت من حق مالي، ولقاعدة من مات عن حق انتقل لوارثه، وإذا نكل ورثة الموصي عن الحلف لرد شهادة الشاهد بالوصية، قضي للصغير بوصيته ، ولا ينتظر بلوغه، ولا يمين عليه إذا بلغ.
القول الثاني: تحليف الورثة وإيقاف الموصى به على يد أمين حتى يبلغ، والغلة لمن قضي له به، وضمانه منه; لحديث: الخراج بالضمان ، [ ص: 392 ] وقاعدة: الغنم بالغرم، فإذا بلغ الصغير وحلف أخذ الموصى به وغلته، وإن هلك الموصى به فضمانه منه، وإن نكل الصغير قضي به للورثة، وإن هلك فضمانه منهم.
القول الثالث: تحليف ولي الصغير وتسليم الوصية له.
قال يحلف أبوه إذا كانت نفقة الابن واجبة على الأب; لأنه يستفيد بيمينه سقوط النفقة عنه. ابن كنانة:
والقول بتحليف الولي ضعيف يرد لأمرين:
الأول: أنه لا يحلف أحد ليستحق غيره.
الثاني: أن النيابة لا تدخل في الحقوق البدنية، واليمين من العبادات البدنية ، فلا ينوب فيها أحد عن أحد.
القول الرابع: تحليف الصغير، ويأخذ وصيته.
لعموم حديث -رضي الله عنهما-: ابن عباس قضى بالشاهد واليمين .
والقول بتحليف الصغير ضعيف; لأن مناط الإيمان التكليف، فمن ليس مكلفا لا يمين له، وبذلك يخصص عموم: قضى بالشاهد واليمين .
وأرجح هذه الأقوال القول بوقف الموصى به تحت يد أمين.
ومثل الصغير المجنون إذا قام له شاهد بالوصية، فإنه ينتظر إذا كانت ترجى إفاقته، وإن كانت لا ترجى إفاقته، فإنه يحلف الورثة لرد شهادة الشاهد، ويوقف الموصى به تحت أيديهم، أو تحت يد أمين على الخلاف السابق، حتى يفيق المجنون فيحلف، أو يموت فيحلف ورثته.