المبحث الثاني
توجيه اليمين إلى الناظر
لما كان الناظر على الوقف هو الخصم في الدعوى المقامة من الوقف أو عليه، فقد يكون مدعيا أو مدعى عليه :
الصورة الأولى: إذا كان الناظر مدعيا:
فإن له حق تحليف المدعى عليه عند عجزه عن إثبات دعوى الوقف ; وذلك لأنه نائب عن الوقف، وهو يملك إذا كان مدعيا - إضافة لما له سلطة عليه شرعا - طلب يمين الخصم، ولا يملك المدعى عليه رد اليمين - حتى عند من يرى ذلك - إلى المدعي.
الصورة الثانية: إذا كان الناظر مدعى عليه:
فإذا عجز المدعي عن إثبات دعواه على الناظر، فهنا يجب التفرقة بين حالتين :
الحال الأولى : إذا كانت الدعوى متعلقة بأمر ولم يدع بوقوعه من قبل الناظر، فلا توجه اليمين إلى الناظر، كما أن نكوله لا يعتبر سببا للحكم ; وذلك لأن النكول عن اليمين إما أن يكون بذلا أو إقرارا، وكلا الأمرين لا يملكها الناظر على الوقف، فهو لا يملك البذل ولا الإقرار في حق ما سلط عليه شرعا .
فلو ادعى شخص مثلا على ناظر وقف بأن الدار التي يتصرف بها لجهة [ ص: 470 ] الوقف هي ملكه، وعجز المدعي عن إثبات دعواه هذه، فلا يحق له تحليف الناظر على ذلك.
الحال الثانية : إذا كانت الدعوى ناشئة عن تصرف واقع من قبل الناظر، فإن الفقهاء يرون: أن اليمين توجه إلى الناظر على الوقف، وإذا نكل عن ذلك حكم عليه بنكوله ; لأن اليمين متعلقة بفعل نفسه .
فلو ادعى شخص على ناظر الوقف طالبا تسليمه دار الوقف التي استأجرها منه، وأنكر الناظر الدعوى، وعجز المدعي عن إثباتها ، فله تحليف الناظر، وكذلك لو ادعى شخص على ناظر الوقف طالبا منه دفع مبلغ معين له عن قيمة بعض الأشياء التي اشتراها للوقف مثلا، وأنكر الناظر الدعوى وعجز المدعي عن إثبات دعواه جاز له تحليف الناظر، وتقدم في مبحث أمانة الناظر شيء من ذلك. [ ص: 471 ]