الأمر السابع: هبة الرقيق:  
هبة الرقيق لا يخلو من أحوال: 
الحال الأولى: أن يكون مأذونا له بالهبة من قبل السيد، فتصح هبته وإن لم يؤذن له بالتجارة; لأنه نائب عن سيده. 
الحال الثانية: أن يكون مبعضا، فتصح هبته بقدر ما فيه من الحرية; إذ يملك بقدر ما فيه من الحرية. 
الحال الثالثة: أن يكون غير مأذون له، ولا مبعض: فلا تصح هبته إلا بإذن سيده باتفاق الأئمة الأربعة، لأنه محجور عليه لحظ سيده. 
جاء في الشرح الكبير: "فأما العبد، فلا يجوز أن يهب إلا بإذن سيده; لأنه مال لسيده، وماله مال لسيده، فلا يجوز إزالة ملك سيده عنه بغير إذنه كالأجنبي". 
الحال الرابعة: أن يكون مكاتبا، فلا تصح هبته; إذ هو رقيق، والدليل على ذلك ما يلي: 
(68 ) 1 - ما رواه الإمام  أحمد  من طريق حجاج،  عن  عمرو بن شعيب،  عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم". 
 [ ص: 172 ]  [ ص: 173 ]  [ ص: 174 ]  2 - ورود ذلك عن الصحابة:  عمر،   وعثمان،   وزيد بن ثابت،   وعائشة  رضي الله عنها. 
(69 ) أ - ما رواه  الطحاوي  من طريق سعيد بن أبي عروبة،  عن قتادة،  عن معبد الجهني،  عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم". 
 [ ص: 175 ]  (70 ) ب - ما رواه  ابن أبي شيبة  من طريق إبراهيم،  عن  عثمان  رضي الله عنه قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم". 
 [ ص: 176 ]  (71 ) ج - ما رواه الإمام  مالك،  عن نافع أن  عبد الله بن عمر  رضي الله عنه كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء". 
(72 ) د. ما رواه  عبد الرزاق،  عن  الثوري،  عن ابن أبي نجيح،  عن  مجاهد  قال: قال  زيد بن ثابت  رضي الله عنه: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم". 
 [ ص: 177 ]  (73 ) 5. ما رواه  ابن أبي شيبة  من طريق عمرو بن ميمون،  عن  سليمان بن يسار  قال: استأذنت على  عائشة  رضي الله عنها، فقالت: سليمان؟،  فقلت: سليمان،  فقالت: أريت ما بقي من كتابتك وقاطعت عليها؟ قال: قلت: نعم، إلا شيئا يسيرا، قالت: "ادخل، فإنك عبد ما بقي عليك شيء". 
 [ ص: 178 ]  3 - أنه عبد يجوز بيعه، فلم تصح هبته. 
4 - أن الرق في المكاتب كامل، فلم ينتقص بما أدى، فكان الرق باقيا من كل وجه، ولهذا تقبل كتابته الفسخ بخلاف المدبر وأم الولد. 
وعند الظاهرية:  تصح هبة الرقيق بناء على أنه يملك ما يؤول إليه من تبرع، وسيأتي تحرير هذه المسألة. 
قال  ابن حزم:   "العبد في جواز صدقته، وهبته، وبيعه، وشرائه كالحر". وقال أيضا: "مال العبد له، وليس لسيده". 
				
						
						
