المبحث الثاني:
nindex.php?page=treesubj&link=14249أدلة مشروعية الوصية
الوصية مشروعة بالكتاب، والسنة، والإجماع، والنظر الصحيح.
فمن الكتاب: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي بعد ذكر هذه الآية: "هذه آية الوصية، وليس في القرآن ذكر للوصية إلا في هذه الآية، وفي النساء:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11من بعد وصية ، وفي المائدة:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106حين الوصية ، والتي في البقرة أتمها وأكملها، ونزلت قبل نزول الفرائض والمواريث".
وجه الدلالة: من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180كتب عليكم... الآية، من وجهين: الأول: أن معنى كتب: فرض وألزم، ولا بد أن يكون ما فرضه الله سبحانه وتعالى مشروعا.
الثاني: أن الآية دلت على حرمة التغيير والتبديل في الوصية، بدليل ترتيب الإثم على ذلك، فدل ذلك على مشروعيتها; لأنها لو لم تشرع لما حرم تبديلها.
ووجه الدلالة من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض [ ص: 60 ] من وجهين:
الأول: أنه تعالى حث المؤمنين على
nindex.php?page=treesubj&link=14297الإشهاد على الوصية، فدل ذلك على مشروعيتها; إذ الحث على شيء له متعلق يدل على مشروعية متعلقه، كما يدل على مشروعيته.
الثاني: أنه سبحانه نزل الإشهاد من الوصية منزلة الحكم على موضوعه، ولما كان الإشهاد مندوبا إليه كان مشروعا، فعلم بذلك أن موضوعه كذلك، وإلا فليس بمعقول جعل ما ليس بمشروع موضوعا لما هو مشروع.
ويدل لذلك أيضا قوله تعالى في سياق آيتي المواريث من سورة النساء:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين .
ووجه الاستدلال بهذه الآية: أنه سبحانه وتعالى قرن الوصية بالدين الواجب الأداء، فدل ذلك على جوازها بالمعنى الأعم، وقدمت الوصية على الدين; للاهتمام بشأنها، ولأن النفس قد لا تسمح بها; لكونها تبرعا، أو لأنها كانت على وجه البر والصلة، والدين يقع بعد الميت بنوع تفريط، فبدأ بالوصية لكونها أفضل، أو لأنها حظ الفقير غالبا، والدين حظ الغريم، ويطلبه بالقوة، أو لأجل ذلك كله، وإلا فإن الدين مقدم عليها شرعا بعد مؤنة التجهيز بلا نزاع.
ومن السنة:
(1) فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652533 "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" .
[ ص: 61 ] أي: ما الحزم أو المعروف من الأخلاق إلا هذا، فقد يفجؤه الموت.
(2) وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه عنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651213 "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: "لا"، فقلت: بالشطر؟ فقال: "لا"، ثم قال: "الثلث والثلث كبير أو كثير" .
(3) ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من طريق
طلحة بن عمرو ، عن
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=679213 "إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم؛ زيادة لكم في أعمالكم" .
[ ص: 62 ] وأما الإجماع: فقد نقل الإجماع
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم ، وغيرهما.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : "وأجمعوا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=14273_23283الوصية لوالدين لا يرثان المرء، والأقرباء الذين لا يرثون جائزة، وأجمعوا على أنه لا وصية لوارث إلا أن يجيز ذلك، وأجمعوا على أن الوصايا مقصورة بها على ثلث مال العبد".
قال في تبيين الحقائق: "إن عليه إجماع الأمة".
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة : "وأجمع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصية".
وأما النظر الصحيح: فقد أجازها الشارع لحاجة الناس إليها; لأن الإنسان مغرور بأمله، مقصر في عمله، فإذا عرض له عارض، وخاف الهلاك، يحتاج إلى تلافي ما فاته من التقصير بماله على وجه لو تحقق ما كان يخافه يحصل مقصوده المآلي، ولو اتسع الوقت وأحوجه إلى الانتفاع به صرفه إلى حاجته الحالي، فشرعها الشارع؛ تمكينا منه جل وعلا من العمل الصالح وقضاء لحاجته عند احتياجه إلى تحصيل المصالح، ومثله الإجارة لا تجوز قياسا لما فيها من إضافة تمليك المنافع إلى ما يستقبل من الزمان،
[ ص: 63 ] وأجازها الشارع للضرورة، وقد يبقى الملك بعد الموت باعتبار الحاجة كما بقي في قدر التجهيز والدين.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : "من أوصى بوصية، فلم يجر، ولم يحف، كان له من الأجر مثل ما لو أعطاها وهو صحيح".
الْمَبْحَثُ الثَّانِي:
nindex.php?page=treesubj&link=14249أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْوَصِيَّةِ
الْوَصِيَّةُ مَشْرُوعَةٌ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَةِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَالنَّظَرِ الصَّحِيحِ.
فَمِنَ الْكِتَابِ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ: "هَذِهِ آيَةُ الْوَصِيَّةِ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ لِلْوَصِيَّةِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِي النِّسَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ ، وَفِي الْمَائِدَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106حِينَ الْوَصِيَّةِ ، وَالَّتِي فِي الْبَقَرَةِ أَتَمُّهَا وَأَكْمَلُهَا، وَنَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالْمَوَارِيثِ".
وَجْهُ الدَّلَالَةِ: مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180كُتِبَ عَلَيْكُمْ... الْآيَةَ، مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَعْنَى كُتِبَ: فَرَضَ وَأَلْزَمَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَشْرُوعًا.
الثَّانِي: أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى حُرْمَةِ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ فِي الْوَصِيَّةِ، بِدَلِيلٍ تَرْتِيبِ الْإِثْمِ عَلَى ذَلِكَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا; لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُشْرَعْ لَمَا حُرِّمَ تَبْدِيلُهَا.
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ [ ص: 60 ] مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَثَّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=14297الْإِشْهَادِ عَلَى الْوَصِيَّةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا; إِذِ الْحَثُّ عَلَى شَيْءٍ لَهُ مُتَعَلِّقٌ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مُتَعَلِّقِهِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ نَزَّلَ الْإِشْهَادَ مِنَ الْوَصِيَّةِ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ عَلَى مَوْضُوعِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْإِشْهَادُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ كَانَ مَشْرُوعًا، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَوْضُوعَهُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمَعْقُولٍ جَعْلُ مَا لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ مَوْضُوعًا لِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سِيَاقِ آيَتَيِ الْمَوَارِيثِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ .
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَرَنَ الْوَصِيَّةَ بِالدَّيْنِ الْوَاجِبِ الْأَدَاءِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِهَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَقُدِّمَتِ الْوَصِيَّةُ عَلَى الدَّيْنِ; لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهَا، وَلِأَنَّ النَّفْسَ قَدْ لَا تَسْمَحُ بِهَا; لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا، أَوْ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، وَالدَّيْنُ يَقَعُ بَعْدَ الْمَيِّتِ بِنَوْعِ تَفْرِيطٍ، فَبَدَأَ بِالْوَصِيَّةِ لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ، أَوْ لِأَنَّهَا حَظُّ الْفَقِيرِ غَالِبًا، وَالدَّيْنُ حَظُّ الْغَرِيمِ، وَيَطْلُبُهُ بِالْقُوَّةِ، أَوْ لِأَجْلِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِلَّا فَإِنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا شَرْعًا بَعْدَ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ بِلَا نِزَاعٍ.
وَمِنَ السُّنَّةِ:
(1) فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652533 "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ" .
[ ص: 61 ] أَيْ: مَا الْحَزْمُ أَوِ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْأَخْلَاقِ إِلَّا هَذَا، فَقَدْ يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ.
(2) وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16283عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651213 "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلْثَيْ مَالِي؟ قَالَ: "لَا"، فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: "لَا"، ثُمَّ قَالَ: "الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ" .
(3) مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ
طَلْحَةِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ
عَطَاءَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=679213 "إِنَّ اللَّهَ تَصْدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلْثِ أَمْوَالِكُمْ؛ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ" .
[ ص: 62 ] وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13064وَابْنُ حَزْمٍ ، وَغَيْرُهُمَا.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ : "وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=14273_23283الْوَصِيَّةَ لِوَالِدَيْنِ لَا يَرِثَانِ الْمَرْءَ، وَالْأَقْرِبَاءِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ جَائِزَةً، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصَايَا مَقْصُورَةٌ بِهَا عَلَى ثُلُثِ مَالِ الْعَبْدِ".
قَالَ فِي تَبْيِينِ الْحَقَائِقِ: "إِنَّ عَلَيْهِ إِجْمَاعَ الْأُمَّةِ".
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابْنُ قُدَامَةَ : "وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ".
وَأَمَّا النَّظَرُ الصَّحِيحُ: فَقَدْ أَجَازَهَا الشَّارِعُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَغْرُورٌ بِأَمَلِهِ، مُقَصِّرٌ فِي عَمَلِهِ، فَإِذَا عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ، وَخَافَ الْهَلَاكَ، يَحْتَاجُ إِلَى تَلَافِي مَا فَاتَهُ مِنَ التَّقْصِيرِ بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَوْ تَحَقَّقَ مَا كَانَ يَخَافُهُ يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ الْمَآلِيُّ، وَلَوِ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَحْوَجَهُ إِلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ صَرَفَهُ إِلَى حَاجَتِهِ الْحَالِيِّ، فَشَرَعَهَا الشَّارِعُ؛ تَمْكِينًا مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَقَضَاءً لِحَاجَتِهِ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ، وَمِثْلُهُ الْإِجَارَةُ لَا تَجُوزُ قِيَاسًا لِمَا فِيهَا مِنَ إِضَافَةِ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ إِلَى مَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ،
[ ص: 63 ] وَأَجَازَهَا الشَّارِعُ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ يَبْقَى الْمِلْكُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ كَمَا بَقِيَ فِي قَدْرِ التَّجْهِيزِ وَالدَّيْنِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ : "مَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ، فَلَمْ يَجُرْ، وَلَمْ يَحُفْ، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مَا لَوْ أَعْطَاهَا وَهُوَ صَحِيحٌ".