المبحث السابع: الشرط السابع:
nindex.php?page=treesubj&link=23282أن يكون الموصى له مسلما
تحرير محل النزاع:
أولا: في
nindex.php?page=treesubj&link=27923الوصية للكافر إذا أوصى إليه بصفته الشخصية، كأن
nindex.php?page=treesubj&link=27923يوصي لفلان أو فلانة، فإذا هما من أهل الكفر في الواقع، دون الإشارة في وصيته إلى صفتهما الكفرية .
وأما إذا أوصى له بصفته كافرا، فإن الوصية تكون باطلة اتفاقا مطلقا، كان الموصي ذميا، أو حربيا، مثل الوصية لمن يرتد; لأن الوصية في هذه الحالة تكون وصية لجهة الكفر; لأن ترتيب الحكم على المشتق يؤذن بعلية ما منه الاشتقاق.
قال
الرملي : "أما لو قال: أوصيت لزيد الحربي أو الكافر أو المرتد لم يصح; لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعلية ما منه الاشتقاق، فكأنه قال: أوصيت لزيد لحرابته أو كفره أو ردته فتفسد الوصية; لأنه جعل الكفر حاملا على الوصية".
ثانيا: لا تصح
nindex.php?page=treesubj&link=27923الوصية للذمي فيما لا يصح تمليكه، كالوصية له بالمصحف، ونحو ذلك.
(178) لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=660483 "أنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو؛ مخافة أن يناله العدو" .
[ ص: 480 ] وفيه مطالب:
المطلب الأول: الوصية للذمي
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
nindex.php?page=treesubj&link=27923الوصية للذمي :
اختلف العلماء فيما عدا ذلك في الوصية للذمي على قولين:
القول الأول: الجواز.
وبه قال جمهور العلماء.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : "والوصية للذمي جائزة، ولا نعرف في هذا خلافا".
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة : "وتصح
nindex.php?page=treesubj&link=27924_27923وصية المسلم للذمي، والذمي للمسلم، والذمي للذمي ، روي إجازة المسلم للذمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وإسحاق ، وأصحاب الرأي، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم".
وعند
المالكية : مع الكراهة.
القول الثاني: الجواز إذا كان على وجه الصلة، كما لو كان أبوه كافرا.
وبه قال
ابن قاسم .
[ ص: 481 ] القول الثالث: يجوز إذا كان هناك سبب، كجوار أو مكافئة ونحو ذلك.
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب من
المالكية .
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بصحة الوصية للذمي بما يلي:
1 - قول الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا
وجه الدلالة: أن الله تعالى امتدح الأبرار على إطعامهم الطعام للأسير، والأسير في ذلك الوقت لم يكن إلا مشركا كافرا، فدل ذلك على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=23498الصدقة على الكافر، ومن ذلك الوصية له.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : "ما كان أسراهم إلا المشركين" .
ويقول
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : "والصواب من القول في ذلك أن يقال: أن الله وصف هؤلاء الأبرار بأنهم كانوا في الدنيا يطعمون الأسير، والأسير قد وصفت صفته، واسم الأسير قد يشتمل على الفريقين، وقد عم الخبر عنهم أنهم يطعمونهم، فالخبر على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له" إلى أن قال: "وكذلك الأسير معني به أسير المشركين والمسلمين يومئذ، وبعد ذلك إلى قيام الساعة".
2 - قول الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم [ ص: 482 ] وجه الدلالة: أن الله تعالى أطلق لفظ (الفقراء) فلم يفرق بين فقير وفقير، فدل على جواز صرف الصدقة إليهم، ومن ذلك الوصية.
3 - قول الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
وجه الدلالة:
قال
أبو بكر الجصاص : "قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8أن تبروهم وتقسطوا إليهم عموم في جواز دفع الصدقات إلى أهل الذمة; إذ ليسوا هم من أهل قتالنا".
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : "قال المفسرون: وهذه الآية رخصة في صلة الذين لم ينصبوا الحرب للمسلمين، وجواز برهم، وإن كانت الموالاة منقطعة منهم".
وقال
ابن كثير : "أي: لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم".
وعلى هذا يكون وجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى صرح بأنه لا يحرم علينا البر والإحسان إلى الكفار الذين لم يناصبونا الحرب، ولا ينهانا عن ذلك، بل يجيزه لنا، ويحبه منا، ومن البر والإحسان الصدقة عليهم.
يقول
الكاساني : "صرف الصدقة إلى أهل الذمة من باب إيصال البر إليهم، وما نهينا عن ذلك" ثم استدل بالآية.
[ ص: 483 ] 4 - قول الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=272ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون
سبب نزول الآية:
(179) ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن إياس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسبائهم من المشركين، فسألوا، فرضخ لهم، فنزلت هذه الآية" .
فالمسلمون كانوا يكرهون أن يتصدقوا على أقاربهم من المشركين ليدخلوا في الإسلام حاجة إليها، فنزلت الآية لبيان حصول الثواب".
5 - عموم قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180الوصية للوالدين والأقربين فإنها تشمل الوالدين والأقربين الكافرين.
ونوقش هذا الاستدلال: بأنها خاصة بذوي الرحم، فلا يصح الاحتجاج بها في غيرهم.
وأجيب: بأنها تشمل الذمي من ذوي الأرحام.
[ ص: 484 ] 6 - قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين فإنها صادقة بالوصية للكافر والمسلم.
ونوقش الاستدلال: بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين جاءت في سياق الميراث؛ لبيان وجوب تقديم الوصية على الإرث، ولم تسق لبيان من يوصى له، ومن لا يوصى له، وقد قال كثير من الأصوليين في العام والمطلق: إنه لا يصح الاحتجاج بهما في غير ما سيقا له، وكما يمكن أن يقال: أن إطلاقهما مقيد بما دلت عليه أدلة من منع الوصية للذمي.
7 - قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : "هي وصية المسلم لليهودي والنصراني".
ونوقش الاستدلال بهذه الآية من وجهين:
الأول: أنها خاصة بالأولياء والأقارب، فلا تشمل الأجانب.
الثاني: أنها لا تشمل الكافر أصلا؛ لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6إلى أوليائكم ولا ولاية بين مسلم وكافر بنص القرآن:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=23يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان [ ص: 485 ] ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وزيد وغيرهما: أن المراد بالأولياء خصوص المؤمنين، وعلق عليه
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي بأن لفظ الآية يعضد هذا المذهب.
8 - قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم
فهذا عام في الأقارب والأجانب، وإن كان سبب النزول خاصا في الأقارب، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن هذه الآية منسوخة بآية السيف:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وقاتلوا المشركين ، وقال آخرون: "هي مخصوصة في حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تشمل غيرهم".
وقال آخرون: "هذا الحكم كان لعله صلحا، فلما زال الصلح زال معه هذا الحكم ونسخ".
وأجيب: بأن هذه الأقوال تحتاج إلى دليل.
9 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652190 "في محل كبد رطبة أجر" .
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الأخذ بعمومه يقتضي جواز الوصية للحربي، والمرتد، وهم لا يقولون بذلك فيجب تخصيصه.
وأجيب: بأنه يخصص بما دل عليه الدليل، ويبقى ما عداه على عمومه.
(180) 10 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور قال: حدثنا
سفيان ، عن
أيوب ، عن
عكرمة : "أن
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي باعت حجرتها من
معاوية بمائة ألف، وكان
[ ص: 486 ] لها أخ يهودي، فعرضت عليه أن يسلم فيرث، فأبى فأوصت له بثلث المائة " .
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه في الذمي القريب، فلا يصح الاستدلال به على العموم، ولا يصح قياس الأجنبي على القريب; لوجود الفرق بينهما، وهو الرحم المأمور بصلتها.
11 - ما يأتي من الأدلة على صحة الوصية للكافر الحربي، فالذمي من باب أولى.
12 - قياس الوصية على الهبة بجامع أن كلا تبرع بمال...، فإذا جازت الهبة له في الحياة جازت الوصية له بعد الوفاة.
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: أنه قياس على مختلف فيه، فإن العطية للكافر مختلف في جوازها بين العلماء، ولا يصح القياس على مختلف فيه.
[ ص: 487 ] الثاني: هو قياس مع وجود الفارق; فإن العطية في الحياة فيها صلة الرحم، بينما الوصية عطية بعد الموت لا يبعد أن يقال بعدمها للكافر; لأن الله تعالى يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15وصاحبهما في الدنيا معروفا ، والوصية معروفة بعد فراق الدنيا.
ودليل الكراهة: إيثار الذمي على المسلم.
ودليل القول الثاني، والثالث: (أنه لا يوصى للذمي إلا لسبب من صلة ونحوها):
1 - قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم
والوصية نوع من المودة، أو تدعو إليها، والنهي عن الشيء نهي عن سببه.
إلا أن القرافي فرق بين بر أهل الكفر، وبين المودة.
(181) 2 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من طريق
الوليد بن قيس التجيبي أخبره أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري ، أو عن
أبي الهيثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=691754 "لا تصحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي" .
[ ص: 488 ] (182) 3 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق
سهيل ، عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661038 "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروه إلى أضيقه" .
وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بدئهم بالسلام فكيف يجوز بدؤهم بالهدية والوصايا؟ وقد علل العلماء النهي عن بدئهم بالسلام بما في ذلك من الإشعار بتعظيمهم، وهذا جار في الوصية إليهم، فإن تخصيصهم بالمال بدون مقابل أكثر تعظيما، وتقديرا من مجرد البدء بالتحية عند اللقاء.
(183) 4 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من طريق
خالد بن طهمان أبي العلاء قال: حدثنا
حصين ، قال: جاء سائل فسأل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس للسائل: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن
محمدا رسول الله؟ قال: نعم. قال: وتصوم رمضان؟ قال: نعم. قال: سألت وللسائل حق، إنه لحق علينا أن نصلك، فأعطاه ثوبا .
[ ص: 489 ]
الْمَبْحَثُ السَّابِعُ: الشَّرْطُ السَّابِعُ:
nindex.php?page=treesubj&link=23282أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ مُسْلِمًا
تَحْرِيرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ:
أَوَّلًا: فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27923الْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ إِذَا أَوْصَى إِلَيْهِ بِصِفَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ، كَأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27923يُوصِي لْفُلَانٍ أَوْ فُلَانَةٍ، فَإِذَا هُمَا مِنَ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي الْوَاقِعِ، دُونَ الْإِشَارَةِ فِي وَصِيَّتِهِ إِلَى صِفَتِهِمَا الْكُفْرِيَّةِ .
وَأَمَّا إِذَا أَوْصَى لَهُ بِصِفَتِهِ كَافِرًا، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ بَاطِلَةً اتِّفَاقًا مُطْلَقًا، كَانَ الْمُوصِي ذِمِّيًّا، أَوْ حَرْبِيًّا، مِثْلَ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ يَرْتَدُّ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ وَصِيَّةً لِجِهَةِ الْكَفْرِ; لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِّيَّةٍ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ.
قَالَ
الرَّمْلِيُّ : "أَمَّا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ أَوِ الْكَافِرِ أَوِ الْمُرْتَدِّ لَمْ يَصِحُّ; لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِّيَّةٍ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ لِحَرَابَتِهِ أَوْ كَفْرِهِ أَوْ رِدَّتِهِ فَتُفْسَدُ الْوَصِيَّةُ; لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ حَامِلًا عَلَى الْوَصِيَّةِ".
ثَانِيًا: لَا تَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=27923الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ فِيمَا لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ، كَالْوَصِيَّةِ لَهُ بِالْمُصْحَفِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(178) لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=660483 "أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يُسَافِرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ" .
[ ص: 480 ] وَفِيهِ مَطَالِبُ:
الْمَطْلَبُ الْأَوَّلُ: الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ
وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
nindex.php?page=treesubj&link=27923الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ :
اخْتُلِفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلذِّمِّيِّ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: الْجَوَازُ.
وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ : "وَالْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ جَائِزَةٌ، وَلَا نَعْرِفُ فِي هَذَا خِلَافًا".
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابْنُ قُدَامَةَ : "وَتَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=27924_27923وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ، وَالذِّمِّيُّ لِلْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيُّ لِلذِّمِّيِّ ، رُوِيَ إِجَازَةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ".
وَعِنْدَ
الْمَالِكِيَّةِ : مَعَ الْكَرَاهَةِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: الْجَوَازُ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ أَبُوهُ كَافِرًا.
وَبِهِ قَالَ
ابْنُ قَاسِمٍ .
[ ص: 481 ] الْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَجُوزُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ، كَجِوَارٍ أَوْ مُكَافِئَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12321أَشْهَبُ مِنَ
الْمَالِكِيَّةِ .
الْأَدِلَّةُ:
أَدِلَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ:
اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلذِّمِّيِّ بِمَا يَلِي:
1 - قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا
وَجْهُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَدَحَ الْأَبْرَارَ عَلَى إِطْعَامِهِمُ الطَّعَامَ لِلْأَسِيرِ، وَالْأَسِيرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مُشْرِكًا كَافِرًا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=23498الصَّدَقَةِ عَلَى الْكَافِرِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لَهُ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : "مَا كَانَ أَسْرَاهُمْ إِلَّا الْمُشْرِكِينَ" .
وَيَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : "وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَارِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُطْعِمُونَ الْأَسِيرَ، وَالْأَسِيرُ قَدْ وُصِفَتْ صِفَتُهُ، وَاسْمُ الْأَسِيرِ قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ، وَقَدْ عَمَّ الْخَبَرُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُطْعِمُونَهُمْ، فَالْخَبَرُ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَخُصَّهُ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ" إِلَى أَنْ قَالَ: "وَكَذَلِكَ الْأَسِيرُ مَعْنِيٌّ بِهِ أَسِيرُ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ".
2 - قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ [ ص: 482 ] وَجْهُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ لَفْظَ (الْفُقَرَاءِ) فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ فَقِيرٍ وَفَقِيرٍ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ صَرْفِ الصَّدَقَةِ إِلَيْهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ.
3 - قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
وَجْهُ الدَّلَالَةِ:
قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ : "قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ عُمُومٌ فِي جَوَازِ دَفْعِ الصَّدَقَاتِ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ; إِذْ لَيْسُوا هُمْ مِنَ أَهْلِ قِتَالِنَا".
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ : "قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَهَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةٌ فِي صِلَةِ الَّذِينَ لَمْ يَنْصِبُوا الْحَرْبَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَجَوَازُ بِرِّهِمْ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُوَالَاةُ مُنْقَطِعَةً مِنْهُمْ".
وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : "أَيْ: لَا يَنْهَاكُمْ عَنِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْكَفَرَةِ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ فِي الدِّينِ كَالنِّسَاءِ وَالضَّعْفَةِ مِنْهُمْ".
وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا الْبِرَّ وَالْإِحْسَانَ إِلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يُنَاصِبُونَا الْحَرْبَ، وَلَا يَنْهَانَا عَنْ ذَلِكَ، بَلْ يُجِيزُهُ لَنَا، وَيُحِبُّهُ مِنَّا، وَمِنَ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ.
يَقُولُ
الْكَاسَانِيُّ : "صَرْفُ الصَّدَقَةِ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ بَابِ إِيصَالِ الْبَرِّ إِلَيْهِمْ، وَمَا نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ" ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ.
[ ص: 483 ] 4 - قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=272لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مَنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهَ وَمَا تُنْفِقُوا مَنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ
سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ:
(179) مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=11937جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنَّ يَرْضَخُوا لِأَنْسِبَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسَأَلُوا، فَرَضَخَ لَهُمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ" .
فَالْمُسْلِمُونَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَلَى أَقَارِبِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِيَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ حَاجَةً إِلَيْهَا، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ لِبَيَانِ حُصُولِ الثَّوَابِ".
5 - عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ الْكَافِرِينَ.
وَنُوقِشَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ: بِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِذَوِي الرَّحِمِ، فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهَا فِي غَيْرِهِمْ.
وَأُجِيبُ: بِأَنَّهَا تَشْمَلُ الذِّمِّيَّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
[ ص: 484 ] 6 - قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ.
وَنُوقِشَ الِاسْتِدْلَالُ: بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ جَاءَتْ فِي سِيَاقِ الْمِيرَاثِ؛ لِبَيَانِ وُجُوبِ تَقْدِيمِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْإِرْثِ، وَلَمْ تَسُقْ لِبَيَانِ مَنْ يُوصَى لَهُ، وَمَنْ لَا يُوصَى لَهُ، وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْعَامِ وَالْمُطْلَقِ: إِنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِمَا فِي غَيْرِ مَا سِيقَا لَهُ، وَكَمَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّ إِطْلَاقَهُمَا مُقَيَّدٌ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ مَنْ مَنَعَ الْوَصِيَّةَ لِلذِّمِّيِّ.
7 - قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12691ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ ،
وَعَطَاءُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ : "هِيَ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ".
وَنُوقِشَ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْأَوْلِيَاءِ وَالْأَقَارِبِ، فَلَا تَشْمَلُ الْأَجَانِبَ.
الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَشْمَلُ الْكَافِرَ أَصْلًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ وَلَا وِلَايَةَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=23يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ [ ص: 485 ] وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَزَيْدٌ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوْلِيَاءِ خُصُوصُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَّقَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ يُعَضِّدُ هَذَا الْمَذْهَبَ.
8 - قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ
فَهَذَا عَامٌّ فِي الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ النُّزُولِ خَاصًّا فِي الْأَقَارِبِ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ.
وَنُوقِشَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَقَالَ آخَرُونَ: "هِيَ مَخْصُوصَةٌ فِي حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَشْمَلُ غَيْرَهُمْ".
وَقَالَ آخَرُونَ: "هَذَا الْحُكْمُ كَانَ لَعَلَّهُ صُلْحًا، فَلَمَّا زَالَ الصُّلْحُ زَالَ مَعَهُ هَذَا الْحُكْمُ وَنُسِخَ".
وَأُجِيبُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.
9 - مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652190 "فِي مَحَلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ" .
وَنُوقِشَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ: بِأَنَّ الْأَخْذَ بِعُمُومِهِ يَقْتَضِي جَوَازُ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ فَيَجِبُ تَخْصِيصُهُ.
وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ يُخَصَّصُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى عُمُومِهِ.
(180) 10 - مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنِ
أَيُّوبَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ : "أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=199صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ بَاعَتْ حُجْرَتَهَا مِنْ
مُعَاوِيَةَ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَكَانَ
[ ص: 486 ] لَهَا أَخٌ يَهُودِيٌّ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُسْلِمَ فَيَرِثَ، فَأَبَى فَأَوْصَتْ لَهُ بِثُلُثِ الْمِائَةِ " .
وَنُوقِشَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ: بِأَنَّهُ فِي الذِّمِّيِّ الْقَرِيبِ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى الْعُمُومِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْقَرِيبِ; لِوُجُودِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الرَّحِمُ الْمَأْمُورُ بِصِلَتِهَا.
11 - مَا يَأْتِي مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ، فَالذِّمِّيُّ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.
12 - قِيَاسُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْهِبَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا تَبَرُّعٌ بِمَالٍ...، فَإِذَا جَازَتِ الْهِبَةُ لَهُ فِي الْحَيَاةِ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ.
وَنُوقِشَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ قِيَاسٌ عَلَى مُخْتَلَفٍ فِيهِ، فَإِنَّ الْعَطِيَّةَ لِلْكَافِرِ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى مُخْتَلَفٍ فِيهِ.
[ ص: 487 ] الثَّانِي: هُوَ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ; فَإِنَّ الْعَطِيَّةَ فِي الْحَيَاةِ فِيهَا صِلَةُ الرَّحِمِ، بَيْنَمَا الْوَصِيَّةُ عَطِيَّةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِهَا لِلْكَافِرِ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ، وَالْوَصِيَّةُ مَعْرُوفَةٌ بَعْدَ فِرَاقِ الدُّنْيَا.
وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ: إِيثَارُ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ.
وَدَلِيلُ الْقَوْلِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ: (أَنَّهُ لَا يُوصَى لِلذِّمِّيِّ إِلَّا لِسَبَبٍ مِنْ صِلَةٍ وَنَحْوِهَا):
1 - قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
وَالْوَصِيَّةُ نَوْعٌ مِنَ الْمَوَدَّةِ، أَوْ تَدْعُو إِلَيْهَا، وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ سَبَبِهِ.
إِلَّا أَنَّ الْقَرَافِيَّ فَرَّقَ بَيْنَ بِرِّ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَبَيْنَ الْمَوَدَّةِ.
(181) 2 - مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ
الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ التُّجِيبِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، أَوْ عَنِ
أَبِي الْهَيْثَمَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=691754 "لَا تَصْحَبُ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلُ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ" .
[ ص: 488 ] (182) 3 - مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ
سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661038 "لَا تَبْدَؤُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ" .
وَجْهُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَدْئِهِمْ بِالسَّلَامِ فَكَيْفَ يَجُوزُ بَدْؤُهُمْ بِالْهَدِيَّةِ وَالْوَصَايَا؟ وَقَدْ عَلَّلَ الْعُلَمَاءُ النَّهْيَ عَنْ بَدْئِهِمْ بِالسَّلَامِ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِشْعَارِ بِتَعْظِيمِهِمْ، وَهَذَا جَارٍ فِي الْوَصِيَّةِ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ تَخْصِيصَهُمْ بِالْمَالِ بِدُونِ مُقَابِلٍ أَكْثَرُ تَعْظِيمًا، وَتَقْدِيرًا مِنْ مُجَرَّدِ الْبَدْءِ بِالتَّحِيَّةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ.
(183) 4 - مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ
خَالِدِ بْنِ طَهْمَانَ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا
حَصِينٌ ، قَالَ: جَاءَ سَائِلٌ فَسَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ لِلسَّائِلِ: أَتَشَهَّدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَتَصُومُ رَمَضَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: سَأَلْتَ وَلِلسَّائِلِ حَقٌّ، إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْنَا أَنْ نَصِلَكَ، فَأَعْطَاهُ ثَوْبًا .
[ ص: 489 ]