المطلب التاسع
بدء الاستفادة من المنفعة الموصى بها
لا يخلو هذا من أحوال:
الحال الأولى: أن تكون الوصية مطلقة، فيبدأ الاستفادة من المنفعة الموصى بها من حين وفاة الموصي; لأنه وقت لزوم الوصية إلا أن يعين الموصي وقتا لبدء الاستفادة.
الحال الثانية: أن تكون الوصية مقيدة بزمن:
[ ص: 112 ] فتحت ذلك أمران:
الأمر الأول: أن يكون الزمن معلوما معينا فتختص الوصية بهذا الزمن، فإن مات الموصي بعد انصرام ذلك الزمن بطلت الوصية; لتعذر تنفيذها بفوات وقتها، وإن مات بعد مضي وقتها بطلت فيما مضى، وإن مات قبل مجيء ذلك الزمن انتظر حتى يجيء; لأنها بمنزلة الواجب المؤقت بوقت، فلا يتقدم عليه.
الأمر الثاني: أن يكون الزمن غير معين، كالوصية بمنفعة داره سنة ، فللعلماء في ذلك قولان:
القول الأول: أن الوصية تحمل على السنة الأولى، بعد موت الموصي.
وبه قال المالكية .
وحجته: أنه وقت لزوم الوصية، والظاهر من لفظ الموصي وقصده ، ولقاعدة تقديم الوصية على الإرث، وللقول بفورية التنفيذ، ودلالة الأمر على الفور.
القول الثاني: إن كانت الوصية بالمنفعة فتحمل على السنة الأولى، وإن كانت الوصية بالخدمة أو الثمار، فالخيار إلى الوارث في تعيينها.
وبه قال الشافعية .
وحجته:
1 - إن كانت الوصية بالمنفعة فتحمل على السنة الأولى; لما ذكره المالكية .
2 - ولم أقف على دليل بالنسبة لما ذكروه من منفعة الخدمة والثمار.
[ ص: 113 ] القول الثالث: أنها تبدأ من وقت القسمة.
وبه قال الحنفية .
ولعل حجته: أن ملك الموصى به يبدأ من حين القسمة.
وتقدم أن بيان هذه المسألة في مبحث ملكية الموصى به.
والأقرب: ما ذهب إليه المالكية ; لما ذكروه من التعليل.