فلا إثم عليه : حذف الهمزة تخفيف، والعرب قد تستعمله، (ومنه قراءة : {أريت} [الكهف: 63]، وما روي الكسائي قراءته: {إنها لحدى الكبر} ابن كثير [المدثر: 35]، وعن عن : {وإن الياس} [الصافات: 123]، ومنه قول الشاعر: [من الرجز] ابن عامر
(إن لم أقاتل فالبسوني برقعا)
وقول الآخر: [من الكامل]يا با المغيرة رب أمر مبهم
[ ص: 502 ] وهو كثير، قد ذكرت طرفا منه في (الأصول) ، وبسطته في «الكبير» .وتقدم القول في تعلق اللام في: لمن اتقى .
ويشهد الله : القراءتان فيه ظاهرتان، وكذلك: ويهلك الحرث والنسل ، {ويهلك} .
ومن رفع {ويهلك} ؛ فعلى الاستئناف، ومن فتح اللام; جاز أن تكون لغة; مثل: (أبى يأبى) ، و(ركن يركن) ، و(سلى يسلى) ، و(قلى يقلى) .
وتقدم القول في: {السلم} .
وكسر اللام من: {زللتم} لغة.
ومن قرأ: {في ظلال من الغمام} ؛ فهو جمع (ظلة) ، كـ (قلة، وقلال) ، وقيل: جمع (ظل) ، [ومن قرأ: في ظلل} ؛ فهو جمع (ظلة) ؛ كـ (ظلمة وظلم) ].
[ ص: 503 ] وجر {الملائكة} على معنى: في ظلل من الغمام وظلل من الملائكة، ومن رفع; فعلى معنى: يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام.
و ترجع الأمور و {ترجع} : متقاربتان.
ومن قرأ {ترجع الأمور اسأل} بالهمز; فهو الأصل، ومن قرأ {سل} ؛ فإنه لما خفف الهمزة، فتحركت السين بحركة الهمزة; استغني عن ألف الوصل، فاعتد بالحركة العارضة.
وأجاز كثير من النحويين إدخال ألف الوصل مع التخفيف، فيقول: (اسل) مثل: (الحمر) ، ولم يجزه المازني، وقال: ليس هذا مثل: (الحمر) ؛ لأن الألف واللام كحرف واحد بمنزلة (قد) ، [ألا ترى أن الألف تثبت مع ألف الاستفهام ولا تحذف؟].
ومن خص بالتخفيف ما قبله الواو والفاء; فلأن الواو والفاء قد قامتا مقام ألف الوصل، فخفف بالتخفيف القياسي، وأقام الحرف مقام ألف الوصل.
[ ص: 504 ] كم آتيناهم من آية بينة : {كم} : في موضع نصب بإضمار فعل بعدها، التقدير: (كم آتينا آتيناهم) ، و وقوله: من آية : في موضع المفعول الثاني لـ {آتينا} ، [ولا يعمل {سل} ؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله].
ويجوز أن تكون {كم} مفعولا ثانيا لـ (آتينا) ، ولو حذفت {من} على هذا الوجه لانتصبت {آية} على التفسير.
ويجوز أن تكون {كم} في موضع رفع على تقدير إضمار العائد، التقدير: (كم آتيناهموه) ، ولا يجيزه سيبويه إلا في الشعر.
بغيا بينهم : مفعول له، وقيل: الاستثناء متعلق بثلاثة أشياء; كأنه قال: (وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه، وما اختلفوا فيه إلا من بعد ما جاءهم العلم، وما اختلفوا فيه إلا بغيا بينهم) ؛ فحذف ذلك; لدلالة الأول عليه.
{حتى يقول الرسول}: من رفع {يقول} ؛ فهو خبر عن الحال التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما مضى، وهو فعل قد ذهب وانقضى; فـ {حتى} : داخلة على جملة في المعنى، وهي لا تعمل في الجمل، والمعنى: (وزلزلوا حتى قال الرسول والذين آمنوا معه: متى نصر الله؟!) ، فالزلزال وقول الرسول قد مضيا جميعا.
ويجوز أن يكون الزلزال قد مضى، والقول لم يمض، والمعنى: (وزلزلوا فيما [ ص: 505 ] مضى حتى إن الرسول الآن يقول: متى نصر الله؟) ، فحكيت الحال التي كانوا عليها.
ومن نصب; فعلى أن {حتى} غاية، والمعنى: (وزلزلوا إلى أن قال الرسول) ، فنصب بإضمار (أن) ، وجعل قول الرسول غاية لخوف أصحابه، والفعلان قد مضيا.
و يسألونك ماذا ينفقون : {ماذا} : تكون اسما واحدا في موضع نصب بـ {ينفقون} ، التقدير: (ويسألونك أي شيء ينفقون؟) .
وتكون أيضا استفهاما مبتدأة، و {ذا} بمعنى: (الذي) ، وهو خبر عن {ما} ، والعائد محذوف، والتقدير: (ما الذي ينفقونه؟) .
وتقدم القول في (الكره) .
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه : {قتال} : بدل من {الشهر} ، وهو بدل الاشتمال.
: هو مجرور على التكرير، والتقدير عنده: (عن الشهر الحرام، عن قتال فيه) ، وكذلك قال الكسائي : هو مجرور بإضمار (عن) . الفراء
: هو مجرور على الجوار. أبو عبيدة
وتقدم القول في إعراب: وصد عن سبيل الله وكفر به في التفسير.
[ ص: 506 ] قل فيهما إثم كبير : من قرأ بالثاء; أخبر عن الإثم بالكثرة; ليكون مقابلا للمنافع الموصوفة بالكثرة.
ومن قرأهما بالثاء جميعا; أراد اتفاق الكلمتين والمعنيين.
ومن قرأهما بالباء; فلأن الميسر وشرب الخمر من الكبائر، وقد قال: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه [النساء: 31].
قل العفو : الرفع على أن {ما} استفهام، و {ذا} بمعنى: (الذي) ، فجاء الجواب على السؤال، التقدير: (يسألونك ما الذي ينفقونه؟ قل: الذي ينفقونه العفو) .
ومن نصب {العفو} ؛ فعلى أن {ماذا} اسم واحد، فجاء الجواب منصوبا، والتقدير: (يسألونك أي شيء ينفقون؟ قل: ينفقون العفو) .
قل إصلاح لهم خير : من قرأ: {أصلح لهم} ؛ فعلى الأمر للنبي عليه الصلاة والسلام أن يصلح لهم أمورهم، والمراد به: السائلون، و(خير) : خبر مبتدأ [ ص: 507 ] محذوف، التقدير: (أصلح لهم، فذلك خير) ، فحذفت الفاء، [كقول الشاعر: [من الطويل]
بني ثعل لا تنكعوا العنز شربها بني ثعل من ينكع العنز ظالم]
وإن تخالطوهم فإخوانكم : الرفع على معنى: (فهم إخوانكم) ، ولو قرئ بنصبه على معنى: (فإخوانكم تخالطون) ؛ لجاز.
حتى يطهرن [البقرة: 222]: من قرأ {يطهرن} ؛ فالمعنى: (حتى يغتسلن بالماء) ، وهو الحكم عند سائر الفقهاء.
ومن قرأ: {يطهرن} ؛ فالمعنى: (حتى ينقطع الدم عنهم، ثم بين أنهن لا يوطأن حتى يتطهرن بالماء; فقال: فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ، وقد تقدم مذهب العلماء في ذلك.
* * *