[ ص: 526 ] والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا هذه الآية ناسخة لقوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج .
قالت : كان الرجل إذا توفي وترك زوجة; دخلت حفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبا، حتى تمر سنة، ثم تعطى بعرة فترمي بها، أم سلمة متاعا إلى الحول غير إخراج ، فكان للمرأة أن تسكن في بيت زوجها سنة، وإن شاءت خرجت، فاعتدت في بيت أهلها، ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشرا. فأنزل الله تعالى:
إنها منسوخة بآية الميراث بما فرض من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول بالأربعة الأشهر والعشرة.
وقال بعض العلماء: نسخ من الأربعة الأشهر والعشر: وإن كان بعد ساعة من موت زوجها. الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها،
وقيل: لفظ الآية عام يرد به الخاص، والمعنى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا غير حوامل يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) .
وقيل: ليست هذه الآية بناسخة للآية التي فيها وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ، وإنما هو نقصان من الحول، كالنقصان الذي نقص من [ ص: 527 ] صلاة الحضر في السفر، هو نقصان وليس بنسخ.
وذهب بعض من يرى إلى أن قوله نسخ القرآن بالسنة وصية لأزواجهم منسوخ بقول النبي عليه الصلاة والسلام: . «لا وصية لوارث»
وروي عن ابن عباس، أيضا: أن قوله: ومجاهد وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ثابت لم ينسخ منه شيء.
فإن ثبتت الرواية بذلك; فالمعنى: أن الله عز وجل أمر أن يوصوا لأزواجهم بسكنى سنة أمر ندب، لا أمر إيجاب، فإن أوصى لها بذلك; لم تخرج إلا أن تشاء الخروج.
فحكم كل آية على هذا القول على جهته، [فحكم الآية الأولى: أنهن أمرن بالتربص أربعة أشهر وعشرا، ليس لهن أن يتزوجن في هذه المدة]، ولا يكون التربص ناسخا للوصية; لأنه في غير معناها، وإنما نسخ الوصية النهي عنها، أو وصية غيرها.
وقوله: {وعشرا} يراد بـ(العشر) : الليالي، ويدخل في ذلك اليوم العاشر; [ ص: 528 ] لأن كل ليلة معها يومها، وذهب إلى أن العدة تنقضي بانقضاء الليلة العاشرة، دون اليوم العاشر. الأوزاعي
وقيل: المعنى: وعشر مدد، كل مدة منها يوم وليلة.
وهذه إذا كانت حرة مدخولا بها، أو غير مدخول بها، صغيرة أو كبيرة، سوى الحامل; فإن عدتها تنقضي بوضع حملها، قرب ذلك أو بعد في قول عدة الوفاة على كل متوفى عنها زوجها مالك، والشافعي، وغيرهم. وأبي حنيفة،
وروي عن علي بن أبي طالب، : أن عدتها بانقضاء آخر الأجلين. وابن عباس
نصف عدة الحرة في قول سائر العلماء. وعدة الأمة المتوفى عنها زوجها