الإعراب:
وأن تجمعوا بين الأختين : موضع "أن" رفع على العطف على حرمت عليكم أمهاتكم ، وكذلك "والمحصنات" ، وفتح الصاد من هذا الموضع; لأن المراد به: الحربية ذات الزوج في دار الحرب، أحصنها زوجها; فهي [ ص: 252 ] محصنة، ومن فتح في الجميع; فلأن كل واحد من وجوه الإحصان قد أحصنها، ومن كسرها; فهو اسم الفاعل من أحصنت، فهي تحصن نفسها بأحد الوجوه الأربعة.
كتاب الله عليكم : مصدر; لأن معنى حرمت عليكم : كتب الله عليكم، وهو عند الكوفيين: منصوب على الإغراء، وكان يكون ذلك لو كان النص: عليكم كتاب الله، وإلا فلا يتقدم ما قام مقام الفعل; وهو "عليكم"، إلا أن يقدر حذف العامل، ويكون "عليكم" معبرا عنه; فيكون التقدير : (الزموا كتاب الله) ، ورفعه في الكلام جائر; على معنى: (هذا كتاب الله) .
ومن قرأ: "كتب الله عليكم"; فهو فعل، والمعنى: كتب الله عليكم ما
قصه من التحريم.
والقول في بناء الفعل للفاعل أو المفعول في "أحل" و "أحصن" ظاهر.
أن تبتغوا بأموالكم : موضع "أن" نصب في من قرأ: "وأحل" على البدل [ ص: 253 ] من ما، أو على تقدير : (لأن تبتغوا) ; وهي رفع على قراءة من قرأ: "وأحل" على العطف على "ما" ، أو نصب على تقدير : (لأن...) .
فما استمتعتم به منهن : ابتداء، وهي شرط، ولا يصلح كونها بمعنى المصدر; من أجل الذكر العائد، والمصدر لا يقتضي ذلك.
فريضة : حال، وقيل : مصدر في موضع الحال.
وتقدم القول في: بعضكم من بعض ، وإعرابه.
محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان : أحوال من الهاء والنون في "منهن".
والقول في نصب إلا أن تكون تجارة ورفعها ظاهر، حسب الذي تقدم.
فسوف نصليه نارا : من فتح النون; فهو منقول من (صلى نارا) إلى (صليته) ، وفي الخبر: "شاة مصلية"، ومن ضم النون; فهو منقول بالهمزة; مثل: (طعم ، وأطعمته) .
[ ص: 254 ] وقوله: "مدخلا كريما" : فتح الميم يجوز أن يكون مصدر (دخل) ، وهو منصوب بإضمار فعل، التقدير : فيدخلون مدخلا كريما، ويجوز أن يكون اسم مكان; فينتصب على أنه مفعول به.
ومن ضم الميم; احتمل أن يكون مصدرا على تقدير حذف المفعول، التقدير : (ويدخلكم الجنة مدخلا كريما) ; أي: مدخلا تكرمون فيه، واحتمل أن يكون اسما للمكان، فيكون مفعولا.
واسألوا الله من فضله : [يجوز أن يكون "من فضله"]) في موضع المفعول الثاني، ويجوز أن يكون المفعول الثاني] محذوفا، وهو مذهب لأن "من" لا تزاد عنده في الواجب. سيبويه;
ولكل جعلنا موالي : المضاف إليه محذوف، والمعنى: (ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون [جعلنا موالي; يعني: ورثة.
وقيل: إن قوله: مما ترك الوالدان والأقربون متصل بـ موالي [ ص: 255 ] على جهة الصفة، والعامل الاستقرار، ويجوز أن يتصل بمحذوف; التقدير : (موالي يعطون مما ترك الوالدان والأقربون) .
والذين عقدت أيمانكم : من الميراث، ومن قرأ: "عقدت"; فهو محمول على لفظ (الأيمان) ، أسند الفعل إليها، ولم يسند إلى أصحابها، ومن شدد; فعلى التكثير، ومن قرأ: "عاقدت"; فلأن لكل واحد من المتحالفين يمينا، فالوجه: أن يأتي من المفاعلة التي تكون من اثنين، والمعنى: عاقدت حلفهم أيمانكم، فحذف (الحلف) ، وأقيم الضمير مقامه، ثم حذف الضمير.
وقوله: بما حفظ الله : من نصب اسم "الله" تعالى; فعلى معنى: (بحفظهن الله) ; أي: بحفظهن أمره، أو دينه، فإن قدرت (ما) موصولة; قدرت في "حفظ" ضميرا مرفوعا يعود إلى "ما"; تقديره: (بالذي حفظ أمر الله) .
ومن رفع اسم "الله"; فـ "ما" مصدر أيضا، والمعنى : (بحفظ الله إياهن في وصيته الأزواج بهن) ، ويجوز على هذه القراءة أن تكون "ما" موصولة، التقدير : (بالذي حفظهن الله به) .
ومن وحد(المضجع) ; فإنه واحد يؤدي عن الجميع; لأنه اسم جنس.
[ ص: 256 ] والجار الجنب : من قرأ: "الجنب"; فهو على تقدير حذف المضاف أي: والجار ذي الجنب; أي: ذي الناحية، وقيل : هو صفة; مثل: "الجنب"، ومعنى " الجنب " : المجانب للقرابة، و (الجنابة) : البعد، وقد تقدم ذلك.
الذين يبخلون : ابتداء، والخبر محذوف، أو يكون الخبر إن الله لا يظلم مثقال ذرة ; أي: لا يظلمهم، أو يكون بدلا من "من" في قوله: إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ، ولا يكون صفة; لأن (من) و (ما) لا يوصفان، ولا يوصف بهما.
والذين ينفقون أموالهم : معطوف على "الذين" الأولى ، ومن رأى زيادة الواو; جاز أن يكون الثاني عنده خبرا للابتداء الأول.
والقراءات المذكورة في (البخل) لغات بمعنى.
رئاء الناس : مفعول له، أو مصدر في موضع الحال; فيكون [ ص: 257 ] ولا يؤمنون بالله منقطعا، ولا يكون معطوفا على "ينفقون"; لأن الحال من "الذين" غير داخل في صلته، فيفرق بين الصلة والموصول بالحال.
فإن جعلته حالا من المضمر في "ينفقون"; جاز أن يكون "ولا يؤمنون" معطوفا على "ينفقون"، داخلا في الصلة، لأن الحال داخلة في الصلة، من حيث كانت حالا لما هو في الصلة.
وقوله: وماذا عليهم لو آمنوا بالله [يحتمل أن تكون "ماذا" اسما واحدا، وتقديره: وأي شيء عليهم لو آمنوا؟]، و يحتمل أن تكون "ما" وحدها اسما، و"ذا" بمعنى: (الذي) .
والرفع في "وإن تك حسنة" على أن (كان) بمعنى: (وقع) ، والنصب على أنها الناقصة) ; أي: وإن تك فعلته حسنة.
[ ص: 258 ] قوله: ويؤت من لدنه أجرا عظيما : دخلت "من" على "لدن" من حيث كانت "من" لأول الغاية، و (لدن) كذلك، فلما تشاكلا حسن دخول "من" عليها، وكذلك قال في (لدن) : إنه الموضع الذي هو أول الغاية . سيبويه