[ ص: 402 ] وما أكل السبع إلا ما ذكيتم يعني: ما مات من أكل السبع من قبل أن تدرك ذكاته.
وقوله : إلا ما ذكيتم : الاستثناء -عند وغيره من أهل مالك المدينة - من التحريم، لا من المحرمات المذكورة، والمعنى: إلا ما أحله الله) لكم بالتذكية مما ترجى له الحياة لو ترك.
وكره التي انقطع نخاعها، والتي شق السبع بطنها وإن كانت حية. مالك
وروي عن ، علي وغيرهما: أن الاستثناء من (المنخنقة) وما عطف عليها، وكذلك مذهب وابن عباس، الحسن، والثوري، والشافعي، وغيرهم: أن ما أدرك من هذه الأشياء وفيه روح تتحرك معه رجله، أو تطرف عينه، أو يعلم أن فيه شيئا من الحياة; فهو ذكي يؤكل. وابن حنبل،
أصلها التمام; فمعنى (ذكيت الذبيحة) : أتممت ذبحها، و (ذكيت النار) : أتتمت إيقادها، و (رجل ذكي) : تام الفهم. و (التذكية) في اللغة:
وقوله: (وما ذبح على النصب) : قال : هي حجارة كانت حول مجاهد مكة يذبحون عليها، وربما استبدلوا منها.
[ ص: 403 ] ابن جريج، هي حجارة كانت تنصب، وتعبد، ويقرب لها، وهي غير الأصنام; لأن الأصنام مصورة، والنصب غير مصورة. وقتادة:
ويجوز أن يكون جمع (نصاب) ، ويجوز أن يكون واحدا يجمع على (أنصاب) .
وأن تستقسموا بالأزلام أي : وأن تطلبوا علم ما قسم لكم بالأزلام.
المبرد: (الاستقسام) : إلزامهم أنفسهم بما تأمرهم به القداح; فهو كالقسم.
وواحد (الأزلام) : (زلم) ، وقيل : (زلم) ، وهي - فيما روي عن وغيره - : ثلاثة قداح، كان على الأول: أمرني ربي، وعلى الثاني: نهاني ربي، والثالث غفل لا شيء عليه، وهو المنيح، فإن خرج المكتوب عليه; فعل ما أمره به، وإن خرج الغفل; أعاد الضرب. الحسن
كانت الأزلام حصى بيضاء، وذكر سعيد بن جبير: عن الطبري أنها الشطرنج . سفيان بن وكيع:
[ ص: 404 ] ذلكم فسق أي: خروج عن أمر الله عز وجل.
اليوم يئس الذين كفروا من دينكم أي: يئسوا أن ترتدوا إلى دينهم.
و (اليوم) الذي ذكر ههنا في قول ، ابن عباس وغيرهما : هو يوم عرفة ، قال ومجاهد، : وكان يوم الجمعة. ابن عباس
: (اليوم) : زمان النبي صلى الله عليه وسلم كله. الحسن
فمن اضطر في مخمصة : (المخمصة) : ضمور البطن من الجوع، عن ، وغيره. ابن عباس
و (المتجانف) : المتمايل، قال ، ابن عباس ، وغيرهما: ومجاهد غير متجانف لإثم : غير متعمد لإثم.
وقوله: قل أحل لكم الطيبات يعني: الحلال.
وما علمتم من الجوارح مكلبين أي : وصيد ما علمتم.
و (الجوارح) : الكواسب للصيد; من السباع، والكلاب، عن وغيره. مجاهد،
(مكلبين) يعني: أصحاب كلاب; حلال بإجماع. فصيد الكلب المعلم
وقد روي عن الحسن، ، وغيرهما: كراهة والنخعي [ ص: 405 ] وأباحه أكثر العلماء. صيد الكلب الأسود،
ومذهب ، مالك وغيرهما: أن هذه الآية يدخل فيها مع الكلاب المعلمة: البزاة، والصقور، والفهود، وكل ما علم للصيد. والشافعي،
وروي عن باختلاف عنه: أنه منع مجاهد صيد غير الكلاب.
عند والكلب المعلم : الذي إذا أرسله; ذهب، وإذا دعاه; جاء. مالك
: هو الذي إذا أشلى; استشلى ، وإذا أخذ; حبس، فإذا فعل هذا مرة بعد مرة; فهو معلم. الشافعي
أبو يوسف، وأصحابه : إذا أجابه حين يدعوه، وأرسله على الصيد، وفعل ذلك مرتين فلم يأكل، ثم صاد الثالثة فلم يأكل; فهو معلم يؤكل صيده; فالتعليم عندهم ثلاث مرات على هذا الوصف، ولم يؤقت ومحمد بن الحسن، فيه توقيتا. أبو حنيفة
ويؤكل صيد الكلب عند ، أكل من الصيد أو لم يأكل، وكره أبو [ ص: 406 ] حنيفة، مالك وغيرهم، والشافعي، وكره أكل الصيد يأكل منه الكلب، الشعبي أكله إذا شرب الكلب من دمه. والثوري
لم يؤكل في قول وإذا أدرك الصيد حيا، فأمكنه أن يذبحه، فلم يفعل حتى مات; ، مالك وغيرهما. والشافعي،
وأصحابه : إذا صار حيا في يده; فلا يأكله حتى يذكيه وإن لم يقدر على تذكيته. أبو حنيفة،
النخعي، يرسل عليه الكلاب حتى تقتله. والحسن:
وقوله: فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه : (ذكر اسم الله عليه) : يكون عند الإرسال، وقيل : عند الأكل، فإن ترك التسمية ناسيا; فلا شيء عليه، وإن تركها عامدا; لم يؤكل.
وقوله: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم : تقدم القول في في (البقرة) ، فأما ذبائح أهل الكتاب السامرة والصابئون; فروي عن ـ رضي الله عنه ـ أنه قال في عمر السامرة: هم قوم من أهل الكتاب، ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب.
وعن : أنه لم يحل أكل ذبائح ابن عباس الصابئين، ولا نكاح نسائهم.
[ ص: 407 ] وقال : لا بأس بأكل ذبائحهم. أبو حنيفة
إن كانت الشافعي: السامرة والصابئون من بني إسرائيل، ودانوا بدين اليهود والنصارى; نكح نساؤهم، وأكلت ذبائحهم، وإن خالفوهم في أصل الدينونة; لم تؤكل ذبائحهم، ولم تنكح نساؤهم.
وكره كثير من العلماء \ أكل ذبائح نصارى بني تغلب، روي ذلك عن رضي الله عنه، وغيره، وهو قول علي بن أبي طالب الشافعي.
وأرخص في أكل ذبائحهم وغيره ، وهو قول ابن عباس وأصحابه. أبي حنيفة
وتقدم القول في . نكاح نساء أهل الكتاب
ولم ير مالك لقول الله تعالى: أكل صيد أهل الكتاب; تناله أيديكم ورماحكم ، وأباحه الشافعي، وغيرهما. وأبو حنيفة،
وكره أكثر العلماء صيد المجوسي.
وقال هو من أهل الكتاب، واختلف عنه في ذلك. أبو ثور:
وأرخص الشافعي، وغيرهما في وأبو حنيفة، وأرخص أكل ما صاده المجوسي من الحيتان والجراد، في الحيتان، وكره الجراد. مالك
[ ص: 408 ] وأباح مالك، والشافعي، وغيرهم: وأبو حنيفة، وكرهه أكل صيد الكلب الذي علمه اليهودي والنصراني والمجوسي إذا أرسله مسلم، ، جابر بن عبد الله والحسن البصري، ، وغيرهم. ومجاهد
وقوله: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة الآية.
قال المعنى: إذا قمتم من النوم، فالآية مخصوصة بكل من كان على غير طهارة، وهذا مذهب أهل زيد بن أسلم: المدينة.
المعنى: إذا قمتم إلى الصلاة وقد أحدثتم. الشافعي:
وعن ـ رضي الله عنه ـ أنها ندب لكل قائم إلى الصلاة وإن كان متوضئا، وكان علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ يفعل ذلك. علي
وأوجب عكرمة، وغيرهما: الوضوء على كل قائم إلى الصلاة وإن كان على وضوء بظاهر الآية. وابن سيرين،
وقيل : هي ناسخة لما روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أنه كان إذا أحدث; لم يكلم أحدا حتى يتوضأ، فنسخ في ذلك بالوضوء عند إرادة الصلاة لا غير، وقال قوم: [ ص: 409 ] هي ناسخة لقوله: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى .
وقال هي منسوخة بالتخفيف; يعني: ترك إيجاب الوضوء على ابن عمر:
من لم يحدث.
وذهب قوم إلى أن ذلك ناسخ للمسح على الخفين، قال : لم ابن عباس
يمسح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد نزول (سورة المائدة) على الخفين.
وذكر الله ـ عز وجل ـ في هذه الآية بعض وجاء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسلف الصالح أشياء توجب الوضوء; منها ما أجمع عليه، ومنها ما اختلف فيه، وقد ذكرت جملة من ذلك في "الكبير". الأسباب الموجبة للوضوء،