التفسير:
تقدم القول في أول السورة، إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ، وذكر ما فيه من الأحكام والتفسير.
وقوله:
nindex.php?page=treesubj&link=28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج : (الحرج) : الضيق، ومنه: (الحرج) : للموضع الملتف الشجر.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به : (الميثاق) في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : هو ما أخذه على المؤمنين من
nindex.php?page=treesubj&link=28750السمع والطاعة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما أحبوا أو كرهوا. [ ص: 417 ] nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هو الميثاق الذي أخذه على بني آدم حين أخرجهم من ظهره كالذر.
و (نعمة الله) ههنا بمعنى الجمع.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8هو أقرب للتقوى أي: أقرب لأن تتقوا الله ، وقيل : أقرب لأن تتقوا النار.
و (هو) من قوله تعالى: (هو أقرب) ضمير المصدر الذي دل عليه الفعل; كأنه قال: العدل أقرب للتقوى.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم الآية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وغيرهما: نزلت في قوم هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فمنعه الله منهم.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : (النقيب) : الضمين.
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: هو، الشهيد على قومه، قال: جعل على كل سبط رجلا شاهدا على سبطه.
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس: هو الأمين، وحقيقته : الذي ينقب على أحوال قومه.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وقال الله إني معكم : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس: قال ذلك للنقباء، وقال غيره:
لبني إسرائيل كلهم.
[ ص: 418 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وعزرتموهم : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : أي: نصرتموهم.
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: عظمتموهم، وأصل (التعزير) : المنع، ومنه التعزير للأدب; لأنه يمنع المعزر عن معاودة مثل ما عزر عليه.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فقد ضل سواء السبيل أي: قصد الطريق.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم أي: فبنقضهم، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : يعني بذلك: المسخ الذي كان فيهم حين صاروا قردة وخنازير.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وجعلنا قلوبهم قاسية أي: يابسة غليظة.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13ولا تزال تطلع على خائنة منهم : قيل: معنى (خائنة) : خيانة ، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=9والمؤتفكات بالخاطئة ، وقيل: هو نعت لمحذوف، والتقدير : فرقة خائنة، وقد تقع (خائنة) للواحد، كما يقال: (رجل نسابة) ، وشبهه.
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : المراد به :
اليهود حين هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم; إذ ذهب إليهم يستعين بهم في دية الرجلين اللذين قتلهما بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يعلم
[ ص: 419 ] قاتلهما أن بينهما وبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ موادعة، فجاء الوحي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما همت به
اليهود; فأنذر أصحابه ، وانصرف.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم : (من) متعلقة بـ (أخذنا) ; أي: [أخذنا من الذين قالوا : إنا نصارى، ميثاقهم، كما تقول : "من زيد أخذت ماله".
ورتبة (الذين) أن تكون بعد) أخذنا( ، وقبل الميثاق، فيكون التقدير] : أخذنا من الذين قالوا: إنا نصارى ميثاقهم، ولا يصلح أن ينوي بـ (الذين) التأخير بعد (الميثاق) ; لتقدم المضمر على المظهر، وكونه
منويا بعد (أخذنا) سائغ; لأنهما مفعولان; فليست لأحدهما مزية في التقديم على الآخر، وتقديره عند الكوفيين: ومن الذين قالوا : إنا نصارى من أخذنا ميثاقهم، فالهاء والميم يعودان على (من) المحذوفة ، والهاء والميم على
[ ص: 420 ] القول الأول يعودان على (الذين) .
وفي قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14ومن الذين قالوا إنا نصارى ، ولم يقل: (ومن النصارى) ; دليل على أنهم ابتدعوا النصرانية، وتسموا بها، روي معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فنسوا حظا مما ذكروا به أي: تركوه.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء أي: ألصقنا، ومنه : (غريت بالرجل غرا وغراء) ; إذا ألصقت به، و (أغريته بكذا حتى غري) ، (والإغراء بالشيء) : التسليط عليه، والمراد في الآية :
اليهود والنصارى، و (الإغراء) : إلقاء العداوة بينهم، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، وقتادة.
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : هو اختلاف أهوائهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا : يخاطب
اليهود والنصارى. nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب يعني: ما بينه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الرجم الذي كتمه
اليهود، وجاؤوا يستفتون فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة. nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15ويعفو عن كثير أي : يتركه; أي: يبين ما احتاج إلى بيانه مما فيه الدلالة على نبوته، والشهادة برسالته، ويترك ما لم يكن به حاجة إلى تبيينه.
[ ص: 421 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين : (النور) :
محمد صلى الله عليه وسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وغيره، وقيل: النور: القرآن، وقيل: النور : التوراة، والكتاب المبين: القرآن.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام أي: طرق السلام
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : (السلام) : الله عز وجل، والمعنى: دين الله.
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : يكون (السلام) بمعنى السلامة; أي: طرق السلامة من كل
آفة، والأمن من كل مخافة.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم الآية.
أعلم الله ـ تعالى ـ أن المسيح لو كان إلها; لقدر على دفع ما ينزل به أو بغيره من أمر الله عز وجل.
و (يملك) بمعنى : يقدر ، من قولهم: (ملكت على فلان) ; إذا اقتدرت عليه.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17ولله ملك السماوات والأرض : قال: (وما بينهما) ; لأنه أراد النوعين.
[ ص: 422 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قالت ذلك
اليهود حين حذرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقاب الله.
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: زعمت
اليهود أن الله أوحى إلى إسرائيل أن ولدك بكري من الولد.
nindex.php?page=showalam&ids=14102 [الحسن: إنما قالوا ذلك على معنى قرب الولد من الوالد].
وقيل ذلك في
النصارى حين قالوا: المسيح ابن الله; كما يقال: العرب
شعراء ، وإن كان فيهم من ليس بشاعر.
وقيل: إنما قالت
النصارى: نحن أبناء الله; لأن في الإنجيل حكاية عن
عيسى: أذهب إلى أبي وأبيكم، فاحتج الله عليهم بأنه يعذبهم، والوالد المشفق لا يعذب ولده ، ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18ولله ملك السماوات والأرض ; محتجا عليهم بذلك; [لأن الوالد لا يملك ولده، ولأن من يملك ذلك] لا شبيه له.
التَّفْسِيرُ:
تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ، وَذِكْرُ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالتَّفْسِيرِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=treesubj&link=28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ : (الْحَرَجُ) : الضِّيقُ، وَمِنْهُ: (الْحَرَجُ) : لِلْمَوْضِعِ الْمُلْتَفِّ الشَّجَرُ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ : (الْمِيثَاقُ) فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيّ ِ: هُوَ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28750السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِيمَا أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا. [ ص: 417 ] nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : هُوَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى بَنِي آدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْرِهِ كَالذَّرِّ.
وَ (نِعْمَةَ اللَّهِ) هَهُنَا بِمَعْنَى الْجَمْعِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى أَيْ: أَقْرَبُ لِأَنْ تَتَّقُوا اللَّهَ ، وَقِيلَ : أَقْرَبُ لِأَنْ تَتَّقُوا النَّارَ.
وَ (هُوَ) مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (هُوَ أَقْرَبُ) ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ; كَأَنَّهُ قَالَ: الْعَدْلُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ الْآيَةَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ، nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ، وَغَيْرُهُمَا: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ هَمُّوا بِقَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : (النَّقِيبُ) : الضَّمِينُ.
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ: هُوَ، الشَّهِيدُ عَلَى قَوْمِهِ، قَالَ: جَعَلَ عَلَى كُلِّ سِبْطٍ رَجُلًا شَاهِدًا عَلَى سِبْطِهِ.
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هُوَ الْأَمِينُ، وَحَقِيقَتُهُ : الَّذِي يَنْقُبُ عَلَى أَحْوَالِ قَوْمِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: قَالَ ذَلِكَ لِلنُّقَبَاءِ، وَقَالَ غَيْرُهُ:
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ كُلِّهِمْ.
[ ص: 418 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَعَزَّرْتُمُوهُمْ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ : أَيْ: نَصَرْتُمُوهُمْ.
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ: عَظَّمْتُمُوهُمْ، وَأَصْلُ (التَّعْزِيرِ) : الْمَنْعُ، وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ لِلْأَدَبِ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُعَزَّرَ عَنْ مُعَاوَدَةِ مِثْلِ مَا عُزِّرَ عَلَيْهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ أَيْ: قَصْدَ الطَّرِيقِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ أَيْ: فَبِنَقْضِهِمْ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : يَعْنِي بِذَلِكَ: الْمَسْخُ الَّذِي كَانَ فِيهِمْ حِينَ صَارُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً أَيْ: يَابِسَةً غَلِيظَةً.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ : قِيلَ: مَعْنَى (خَائِنَةٍ) : خِيَانَةٌ ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=9وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ، وَقِيلَ: هُوَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ : فِرْقَةٍ خَائِنَةٍ، وَقَدْ تَقَعُ (خَائِنَةٍ) لِلْوَاحِدِ، كَمَا يُقَالُ: (رَجُلٌ نَسَّابَةٌ) ، وَشَبَهُهُ.
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : الْمُرَادُ بِهِ :
الْيَهُودُ حِينَ هَمُّوا بِقَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; إِذْ ذَهَبَ إِلَيْهِمْ يَسْتَعِينُ بِهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَعْلَمْ
[ ص: 419 ] قَاتِلُهُمَا أَنَّ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُوَادَعَةً، فَجَاءَ الْوَحْيُ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِمَا هَمَّتْ بِهِ
الْيَهُودُ; فَأَنْذَرَ أَصْحَابَهُ ، وَانْصَرَفَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ : (مِنَ) مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (أَخَذْنَا) ; أَيْ: [أَخَذْنَا مِنَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّا نَصَارَى، مِيثَاقَهُمْ، كَمَا تَقُولُ : "مِنْ زَيْدٍ أَخَذْتُ مَالَهُ".
وَرُتْبَةُ (الَّذِينَ) أَنْ تَكُونَ بَعْدَ) أَخَذْنَا( ، وَقَبْلَ الْمِيثَاقِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ] : أَخَذْنَا مِنَ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّا نَصَارَى مِيثَاقَهُمْ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَنْوِيَ بِـ (الَّذِينَ) التَّأْخِيرَ بَعْدَ (الْمِيثَاقِ) ; لِتَقَدُّمِ الْمُضْمَرِ عَلَى الْمَظْهَرِ، وَكَوْنُهُ
مَنْوِيًّا بَعْدَ (أَخَذْنَا) سَائِغٌ; لِأَنَّهُمَا مَفْعُولَانِ; فَلَيْسَتْ لِأَحَدِهِمَا مَزِيَّةٌ فِي التَّقْدِيمِ عَلَى الْآخَرِ، وَتَقْدِيرُهُ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّا نَصَارَى مَنْ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ، فَالْهَاءُ وَالْمِيمُ يَعُودَانِ عَلَى (مَنْ) الْمَحْذُوفَةِ ، وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ عَلَى
[ ص: 420 ] الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَعُودَانِ عَلَى (الَّذِينَ) .
وَفِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ، وَلَمْ يَقُلْ: (وَمِنَ النَّصَارَى) ; دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمُ ابْتَدَعُوا النَّصْرَانِيَّةَ، وَتَسَمُّوا بِهَا، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ أَيْ: تَرَكُوهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ أَيْ: أَلْصَقْنَا، وَمِنْهُ : (غَرَيْتُ بِالرَّجُلَ غَرًا وَغَرَاءً) ; إِذَا أَلْصَقْتَ بِهِ، وَ (أَغْرَيْتُهُ بِكَذَا حَتَّى غُرِّيَ) ، (وَالْإِغْرَاءُ بِالشَّيْءِ) : التَّسْلِيطُ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ فِي الْآيَةِ :
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَ (الْإِغْرَاءُ) : إِلْقَاءُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ.
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيُّ : هُوَ اخْتِلَافُ أَهْوَائِهِمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا : يُخَاطِبُ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ يَعْنِي: مَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الرَّجْمِ الَّذِي كَتَمَهُ
الْيَهُودُ، وَجَاؤُوا يَسْتَفْتُونَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ. nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ أَيْ : يَتْرُكُهُ; أَيْ: يُبَيِّنُ مَا احْتَاجَ إِلَى بَيَانِهِ مِمَّا فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَالشَّهَادَةُ بِرِسَالَتِهِ، وَيَتْرُكُ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى تَبْيِينِهِ.
[ ص: 421 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ : (النُّورُ) :
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: النُّورُ: الْقُرْآنُ، وَقِيلَ: النُّورُ : التَّوْرَاةُ، وَالْكِتَابُ الْمُبِينُ: الْقُرْآنُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ أَيْ: طُرُقَ السَّلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيّ ُ: (السَّلَامُ) : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْمَعْنَى: دِينُ اللَّهِ.
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : يَكُونُ (السَّلَامُ) بِمَعْنَى السَّلَامَةِ; أَيْ: طُرُقَ السَّلَامَةِ مِنْ كَلِّ
آفَةٍ، وَالْأَمْنِ مِنْ كُلِّ مَخَافَةٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ الْآيَةَ.
أَعْلَمَ اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ أَنَّ الْمَسِيحَ لَوْ كَانَ إِلَهًا; لَقَدَرَ عَلَى دَفْعِ مَا يَنْزِلُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَ (يَمْلِكُ) بِمَعْنَى : يَقْدِرُ ، مِنْ قَوْلِهِمْ: (مَلَكْتُ عَلَى فُلَانٍ) ; إِذَا اقْتَدَرْتَ عَلَيْهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ : قَالَ: (وَمَا بَيْنَهُمَا) ; لِأَنَّهُ أَرَادَ النَّوْعَيْنِ.
[ ص: 422 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَتْ ذَلِكَ
الْيَهُودُ حِينَ حَذَّرَهُمُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عِقَابَ اللَّهِ.
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ: زَعَمَتِ
الْيَهُودُ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى إِسْرَائِيلَ أَنَّ وَلَدَكَ بِكْرِيٌّ مِنَ الْوَلَدِ.
nindex.php?page=showalam&ids=14102 [الْحَسَنُ: إِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى قُرْبِ الْوَلَدِ مِنَ الْوَالِدِ].
وَقِيلَ ذَلِكَ فِي
النَّصَارَى حِينَ قَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ; كَمَا يُقَالُ: الْعَرَبُ
شُعَرَاءٌ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَيْسَ بِشَاعِرٍ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا قَالَتِ
النَّصَارَى: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ; لِأَنَّ فِي الْإِنْجِيلِ حِكَايَةً عَنْ
عِيسَى: أَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ، فَاحْتَجَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ يُعَذِّبُهُمْ، وَالْوَالِدُ الْمُشْفِقُ لَا يُعَذِّبُ وَلَدَهُ ، ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ; مُحْتَجًّا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ; [لِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يَمْلِكُ وَلَدَهُ، وَلِأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ] لَا شَبِيهَ لَهُ.