كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام أي: ليس العهد إلا لهؤلاء الذين عاهدتم فلم ينكثوا، قيل: هم وقوله تعالى: بنو جذيمة بن الدئل، وقيل: قريش.
فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم أي: فما أقاموا على الوفاء بعهدكم؛ فأقيموا لهم على مثل ذلك.
فلم يستقيموا، فضرب الله لهم أجلا أربعة أشهر. ابن زيد:
كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة أي: كيف يكون لهم عهد، وإن يظهروا عليكم؛ لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة.
قال مجاهد، (الإل): العهد، وعن وابن زيد أيضا: هو اسم من أسماء الله عز وجل. مجاهد
ابن عباس، القرابة، والضحاك: الجوار، الحسن: الحلف، قتادة: اليمين، وأصله: من الأليل؛ وهو البريق، فسمي العهد (إلا) ؛ لظهوره. أبو عبيدة:
و (الذمة) : العهد، عن ابن عباس، والضحاك، وابن زيد.
فمن جعل (الإل) أيضا العهد على هذا القول؛ فإن التكرير لاختلاف اللفظين.
[ ص: 225 ] (الذمة) : التذمم. أبو عبيدة:
وأكثرهم فاسقون : [أي: أكثرهم في شركهم متمردون، وجميع المشركين فاسقون].
اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا يعني: المشركين في نقضهم العهود بأكلة أطعمهم إياها أبو سفيان، قاله مجاهد.
النحاس: هذا لليهود، والأول للمشركين.
وقوله: فإخوانكم في الدين أي: قد صاروا إذا فعلوا ما تقدم ذكره من أعمال الإسلام إخوانكم.
وقوله: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم الآية:
قال الكلبي: كان النبي صلى الله عليه وسلم وادع أهل مكة سنة، وهو يومئذ بالحديبية، فحبسوه عن البيت، ثم صالحوه على أن يرجع، على ما قدمناه في غير هذا الموضع، فمكثوا ما شاء الله، ثم قاتل حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خزاعة حلفاء بني أمية من كنانة، فأمدت بنو أمية حلفاءهم بالسلاح والطعام، فاستعانت خزاعة برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ [فنزلت هذه الآية، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم] أن يعين حلفاءه.
[ ص: 226 ] ومعنى أئمة الكفر : رؤساؤه من قريش، عن ابن عباس، ومجاهد.
وقوله: لا أيمان لهم أي: لا عهد لهم؛ لأنهم نقضوه، وخالفوا ما عقدوه، وكسر الهمزة من لا أيمان لهم : يحتمل أن يكون بمعنى: لا إسلام لهم، ويحتمل أن يكون مصدر (أمنته إيمانا) من الذي ضده الخوف.
وقوله: وهموا بإخراج الرسول : قال هموا بإخراجه من الحسن: المدينة.
وهم بدءوكم أول مرة أي: بدؤوا بقتال حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: بدؤوا بنقض العهد.
وقوله: ويشف صدور قوم مؤمنين : قال مجاهد، يعني: والسدي: خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويتوب الله على من يشاء : منقطع مما قبله.
وقوله تعالى: أم حسبتم أن تتركوا الآية.
المعنى: أم حسبتم أن تتركوا من غير أن تبتلوا بما يظهر به المؤمن والمنافق الظهور الذي يستحق به الثواب والعقاب.
و (الوليجة) : البطانة المداخلة.
وقوله: ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر الآية: أي: ما كان لهم ذلك في حال إقرارهم بالكفر.
هو قول اليهودي: إنه يهودي، والنصراني: إنه نصراني، وعابد [ ص: 227 ] الوثن: إنه مشرك. السدي:
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله أي: من آمن بالله ورسوله؛ فدل على (الرسول) ما ذكر بعد من إقامة الصلاة وغيره؛ لأنه مما جاء به.
وقوله: فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين : (عسى) : من الله تعالى واجبة، عن وغيره. ابن عباس،
وقوله: أجعلتم سقاية الحاج الآية.
(السقاية) : ما يتخذ لسقي الماء؛ والتقدير: أجعلتم أهل سقاية الحاج، أو لا يكون مع {سقاية} إضمار، ويكون مع كمن آمن بالله ؛ أي: كإيمان من آمن بالله.
وروي: أن المشركين سألوا اليهود، فقالوا: نحن سقاة الحاج، وعمرة المسجد الحرام، أفنحن أفضل أم محمد وأصحابه؟ فقالت اليهود: أنتم أفضل.
وقيل: إن المسلمين الذين هاجروا وجاهدوا تفاخروا مع المسلمين الذين لم يهاجروا، ولم يجاهدوا، فأعلم الله تعالى أن المهاجرين المجاهدين أعظم درجة عند الله.
وغيره: افتخر السدي، علي والعباس وشيبة؛ فقال أنا أسقي حاج العباس: بيت الله، وقال شيبة: أنا أعمر مسجد الله، وقال أنا هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت. علي:
[ ص: 228 ] عير المسلمون الضحاك: وأصحابه يوم العباس بدر بالشرك، فافتخر بالسقاية؛ فنزلت الآيتان. العباس
خرج ابن سيرين: من علي المدينة إلى مكة فقال يا عم؛ ألا تمضي إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أنا أعمر للعباس: البيت، وأحجه؛ فنزلت الآية.
وقوله: وأولئك هم الفائزون أي: الفائزون بالجنة، الناجون من النار، و (الفائز) : الظافر ببغيته.
وقوله: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم الآية.
قوله: {وعشيرتكم} : (العشيرة) : الجماعة التي ترجع إلى عقد واحد؛ كـ (عقد العشرة) .
وأموال اقترفتموها أي: اكتسبتموها، وأصل (الاقتراف) : اقتطاع الشيء عن مكانه إلى غيره، وهذا كله فيما منعهم من الهجرة من هذه الأشياء.
وقوله: فتربصوا حتى يأتي الله بأمره يعني: فتح مكة، عن مجاهد.
الحسن: حتى يأتي الله بعقوبة عاجلة أو آجلة.