التفسير:
كتاب أحكمت آياته ؛ أي: هذا كتاب. قوله تعالى:
أحكمت آياته : قال أحكمت بالأمر والنهي، الحسن: ثم فصلت : بالثواب والعقاب.
أحكمها الله تعالى من الباطل، ثم فصلها بعلم الحلال والحرام. قتادة:
أحكمت جملة، ثم بينت بذكر آية آية. مجاهد:
وقيل: أحكمت من أن يدخل فيها الفساد.
وقيل: أحكمت فلا ينسخها شيء بعدها.
ثم فصلت : أنزلت شيئا بعد شيء.
من لدن حكيم خبير أي: من عند حكيم خبير.
ألا تعبدوا إلا الله : [أي: أحكمت بألا تعبدوا إلا الله]، وقيل: أحكمت، ثم فصلت؛ لئلا تعبدوا إلا الله.
[ ص: 381 ] وقوله تعالى: يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى أي: يبقكم، ولا يستأصلكم بالعذاب كما فعل بمن أهلك قبلكم.
ويؤت كل ذي فضل فضله أي: يؤت كل ذي عمل من الأعمال الصالحة جزاء عمله.
وقوله تعالى: وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير : يجوز أن يكون {تولوا} ماضيا، ويكون المعنى: وإن تولوا فقل لهم: إني أخاف عليكم، ويجوز أن يكون مستقبلا، حذفت منه إحدى التاءين؛ والمعنى: قل لهم: إن تتولوا فإني أخاف عليكم.
وقوله تعالى: ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه : قال يثنون صدورهم شكا وامتراء. مجاهد:
يثنونها على ما فيها من الكفر. الحسن:
وقيل: يراد به: المنافقون، كانوا إذا مروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ثنوا صدورهم، ونكسوا رؤوسهم، واستغشوا ثيابهم؛ لئلا يراهم النبي صلى الله عليه وسلم، وروي معناه عن عبد الله بن شداد.
[ ص: 382 ] والهاء في {منه} : للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال الحسن هي لاسم الله تعالى. ومجاهد:
وقيل: المعنى: أن أحدهم يثني صدره؛ ليسار صاحبه بالطعن على المسلمين.
وروي: أن بعض المنافقين كان قال: إذا أرخيت ستري، وأغلقت بابي، واستغشيت ثيابي؛ فمن يعلم بي؟ فأعلم الله تعالى أنه يعلم ما يسرون وما يعلنون في كل حال.
وقوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها : قيل: إن هذا عموم معناه الخصوص؛ لأن كثيرا من الدواب هلك قبل أن يرزق.
وقيل: هي عامة، وكل دابة لم ترزق رزقا تعيش به؛ فقد رزقت روحها.
وقوله: ويعلم مستقرها ومستودعها : قال أي: مستقرها في الرحم، ومستودعها في الأرض التي تموت فيها. ابن مسعود:
{مستقرها} : حيث تأوي، و {مستودعها} : في الأرض حيث تموت، وعنه أيضا: {مستقرها} : في الرحم، و {مستودعها} : في الصلب. ابن عباس:
وقيل: {مستقرها} : ما يستقر عليه عملها، و {مستودعها} : ما تصير إليه.
وقوله: وكان عرشه على الماء : قال وكان الماء على متن الريح. ابن عباس:
وقوله تعالى: ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه :
[ ص: 383 ] قال المعنى: إلى أجل معدود، وسميت السنون (أمة) ؛ لأن الأمة تكون فيها. ابن عباس:
وقيل: هو على حذف المضاف؛ والمعنى: إلى مجيء أمة ليس فيها من يؤمن، فيستحقون الهلاك، أو إلى انقراض أمة فيها من يؤمن، فلا يبقى بعد انقراضها مؤمن.
وقوله: ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة : {الإنسان} : اسم للجنس، شائع في جميع الكفار.
إنه ليئوس كفور أي: يؤوس من رحمة الله تعالى، [كفور بنعمه.
وقوله: إنه لفرح فخور أي: يفرح ويفخر بما ناله من السعة، وينسى شكر الله عز وجل].
إلا الذين صبروا : استثناء منقطع.
وقوله تعالى: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك أي: فلعلك لعظيم ما تراه منهم تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من أمر دينك.
وضائق به صدرك : الهاء في {به} تعود على {ما} ، أو على {بعض} ، أو [ ص: 384 ] على التبليغ، أو التكذيب.
وقال: {وضائق} ، ولم يقل: (ضيق) ؛ ليشاكل (تاركا) الذي قبله، ولأن (الضائق) عارض، و (الضيق) ألزم منه.
وقوله: أن يقولوا لولا أنـزل عليه كنـز أي: كراهة أن يقولوا.
إنما أنت نذير أي: إنما عليك أن تنذرهم، لا أن تأتيهم بما يقترحونه من الآيات.