يقدم قومه يوم القيامة يعني: أنه يقدمهم إلى النار. قوله تعالى:
وبئس الورد المورود أي: بئس ما أوردهم.
وتقدم القول في وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة .
وقوله: بئس الرفد المرفود أي: أنه جعل لهم اللعنة بدلا من العطية، و {الرفد}: المعونة؛ والتقدير: بئس الرفد رفد المرفود.
وقوله تعالى: ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد : قال (القائم): ما كان خاويا على عروشه، و (الحصيد): ما لا أثر له. قتادة:
وقيل: (القائم): العامر، و (الحصيد): الخراب.
[ ص: 444 ] والإشارة بـ {ذلك} إلى (النبأ) ؛ والمعنى: ذلك النبأ المتقدم من أنباء القرى.
وقوله: وما زادوهم غير تتبيب : (التتبيب): التخسير، عن وغيره. مجاهد،
وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة أي: ومثل أخذ هذه القرى المتقدم ذكرها أخذ ربك.
وقوله: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود يعني: يوم القيامة، ومعنى {مشهود}: يشهده أهل السماء والأرض.
وما نؤخره إلا لأجل معدود يعني: يوم القيامة.
وقوله تعالى: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه يعني: لا تكلم بحجة ولا شفاعة إلا بإذنه، وقد تقدم القول في نحو هذا.
وقوله: فمنهم شقي وسعيد : الضمير في {فمنهم} لجميع الخلق؛ والمعنى: فمن النفوس التي لا تتكلم إلا بإذنه شقي وسعيد.
وقوله تعالى: فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق : (الزفير): ترديد النفس مع الصوت من الحزن، وأصله من الشدة، من قولهم للشديد الخلق: (مزفور).
[ ص: 445 ] (والشهيق): صوت يخرج من الجوف بامتداد النفس، وأصله: الطول؛ من قولهم: (جبل شاهق).
قال معنى ابن عباس: زفير وشهيق : صوت شديد، وصوت ضعيف.
(الزفير): في الحلق، و (الشهيق): في الصدر، وعنه أيضا ضد ذلك. أبو العالية:
وقيل: (الزفير): أول نهاق الحمار، و (الشهيق): آخره، عن وقال: هو قتادة، صوت الكافر في النار.
وقوله: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض : قيل: معناه: أبدا، فهو خطاب للخلق بما جرت به عادتهم.
وقيل: إن السماء والأرض تبدلان؛ فتكون الجنة في السماء، وتكون النار في الأرض، ويخلدون ما دام ذلك، وهو دائم أبدا لا ينقطع.
وعن أن جميع الأشياء المخلوقة أصله من نور العرش، وأن السماوات والأرض في الآخرة تردان إلى النور الذي أخذتا منه؛ فهما دائمتان أبدا في نور العرش. ابن عباس:
وقوله تعالى: إلا ما شاء ربك : قال بعض أهل العلم والتأويل: يعني: من الزيادة في عذابهم من الزمهرير، والحيات، ونحو ذلك.
[ ص: 446 ] وقيل: المعنى: إلا ما شاء ربك من مقامهم في القبور.
وقيل: إلا ما شاء ربك من وقوفهم للحساب.
وقيل: إلا ما شاء ربك من خروج من يخرج بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، فـ {ما} على هذا بمعنى: (من).
وقيل: المعنى: سوى ما شاء ربك من الخلود والحياة، ومثله ما حكاه الكوفيون من قولهم: (لك عندي ألف إلا ألفين) ؛ أي: سوى ألفين.
وقيل: المعنى: إلا ما شاء ربك مما يسبقهم به غيرهم من دخول النار؛ لأنهم يدخلونها زمرة بعد زمرة.
وقيل: المعنى: (خالدين فيها أبدا)، ثم قال: إلا ما شاء ربك، فخاطبهم على ما يعرفون؛ كما قال: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [الفتح: 27].
فأما الاستثناء في خبر أهل الجنة؛ فهو محتمل لجميع الوجوه المتقدمة، سوى ما تقدم من [فأما أهل الجنة على هذا القول: استثني منهم من يكون في النار حتى يخرج بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ على هذا القول هم الذين سعدوا؛ فهم أشقياء حين كونهم في النار، وسعدوا إذا أخرجوا منها إلى الجنة. خروج من يخرج من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم،
وقيل: إن {إلا} بمعنى الواو؛ والمعنى: خالدين فيها ما دامت السماوات [ ص: 447 ] والأرض، وما شاء ربك، ومثله قول الشاعر: [من الوافر]
وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان
فـ {إلا} بمعنى الواو].وما تقدم ذكره من زيادة أهل النار من العذاب يكون زيادة لأهل الجنة من الكرامة والثواب.
وقوله: عطاء غير مجذوذ أي: غير مقطوع، عن وغيره. ابن عباس،
وقوله: فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء أي: فلا تك في شك من الآلهة التي يعبدها المشركون أنها باطل.
وقوله: وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص أي: ما كتب لهم من خير وشر، عن ابن عباس.
من العذاب. [ابن زيد: