من قرأ: فالله خير حافظا ؛ فهو اسم الفاعل.
[ ص: 527 ] ومن قرأ: {حفظا} ؛ فهو مصدر، ونصبهما جميعا على التمييز، ويجوز أن يكون نصب قوله: {حفظا} على الحال، أجازه وغيره، ومنعه بعض النحويين؛ بسبب أن (أفعل) لا بد له من بيان، فلو جاز نصبه على الحال؛ لجاز حذفه، ولو حذف؛ لذهب البيان، وصار المعنى: فالله خير. الزجاج،
ويجوز في الكلام: {فالله خير حافظ} ؛ بالإضافة، ولا يجوز: (فالله خير حفظ) ؛ لأن الله تعالى هو الحافظ، وليس هو الحفظ.
ومن قرأ: {ردت} ؛ فعلى أن الكسرة نقلت من العين إلى الفاء؛ لتدل على أن أصلها الكسر؛ كما فعل في المعتل؛ نحو (بيع)، و (قيل).
ومن قرأ: {ونمير أهلنا} ؛ جاز أن يكون المعنى: [نجدهم أولي مير، وجاز أن يكون المعنى]: نجعل لهم ميرا، وقد تقدم له نظائر.
قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون : يجوز أن يكون (ذا) بمعنى: (الذي) ؛ فيكون موضع (ما) رفعا بالابتداء، و (ذا): خبر، والعائد محذوف، ويجوز أن يكون (ما) و (ذا) اسما واحدا في موضع نصب بـ {تفقدون}، فلا يحتاج إلى عائد.
[ ص: 528 ] والقراءات المذكورة في صواع الملك لغات بمعنى؛ وهو إناء يشرب فيه الملك، وقيل: مكيال.
ومن قرأ: {صوغ الملك} ؛ بالغين معجمة؛ فهو مصدر وضع موضع اسم المفعول يراد به: المصوغ؛ كـ (الخلق) يراد به: المخلوق.
وقوله: قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه : {جزاؤه}: ابتداء، والخبر: من وجد في رحله ؛ والتقدير: جزاء السرق استعباد من وجد في رحله، وقوله: فهو جزاؤه : ابتداء وخبر، وهو تأكيد؛ أي: فالاستعباد هو جزاء السرق، [ و (الهاء) تعود على السرق] الذي دل عليه ما تقدم.
ويجوز أن يكون التقدير في قوله: جزاؤه من وجد في رحله : جزاؤه معروف عندنا؛ فـ {جزاؤه}: ابتداء محذوف الخبر، ثم ابتدأ فقال: من وجد في رحله فهو جزاؤه ؛ فـ {من}: للشرط، أو بمعنى: (الذي)، وقوله: فهو جزاؤه : ابتداء وخبر في موضع خبر {من}، و (الفاء): لجواب الشرط، أو للإبهام الذي في (الذي)، على ما تقدر عليه {من}، والضمير في {فهو} للاستعباد، و (الهاء) في {جزاؤه}:للسارق، أو السرق.
وضم الواو وكسرها من {وعاء}: لغتان.
[ ص: 529 ] وقوله: وفوق كل ذي علم عليم : من قرأ: {وفوق كل ذي عالم عليم} ؛ جاز أن تكون [{ذي} زائدة؛ فكأنه قال: وفوق كل عالم عليم، وجاز أن يكون] {عالم} مصدرا؛ كـ (الباطل)، وشبهه، فيكون مثل: وفوق كل ذي علم عليم ، وجاز أن يكون من باب إضافة المسمى إلى التسمية؛ والمعنى: وفوق كل ذي شخص يسمى عالما عليم، ومنه قول الكميت: [من الطويل]
إليكم ذوي آل النبي تطلعت نوازع من قلبي ظماء وألبب
يريد: يا آل النبي.وقد تقدم القول في قراءة الجماعة.
وقوله: فأسرها يوسف في نفسه : قال وغيره: هذا إضمار على شريطة التفسير؛ لأن قوله: الزجاج، أنتم شر مكانا بدل من (ها) من {فأسرها} ؛ [ ص: 530 ] فالمعنى: فأسر يوسف في نفسه أنتم شر مكانا؛ أي: أنتم شر مكانا من السرق.
وأنكر ذلك أبو علي، وقال: الإضمار على شريطة التفسير ضربان:
أحدهما: جملة تفسر مفردا؛ نحو: قل هو الله أحد [الإخلاص: 1]، وذلك يقع في الابتداء، وفيما تدخل عليه عوامل الابتداء؛ نحو: إنه من يأت ربه مجرما [طه: 74]، وشبهه.
والثاني: مفرد يفسر مفردا من جملة؛ نحو (نعم رجلا زيد) ؛ ففي (نعم) ضمير فاعلها، و (رجلا): تفسير له، فأضمر (الرجل) الذي هو فاعل (نعم) قبل الذكر؛ لتفسير هذا المذكور له، ودلالته عليه.
فتفسير المضمر في الوجهين جميعا متصل بالجملة التي فيها الإضمار المشروط تفسيره، ومتعلق بها، غير خارج عنها؛ لأنه في المبتدأ وما دخل عليه في موضع الخبر، وفي المفرد متعلق بما عمل في الاسم المفرد المضمر؛ لأن (رجلا) من قولك: (نعم رجلا) منتصب عن الفعل والفاعل، وقوله: [ ص: 531 ] فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون ليس من هذين الضربين؛ لأنه منقطع غير متصل، فهو خارج عن جملة ما يضمر على شريطة التفسير.
قال: والذي تحمل عليه الآية: أن يكون إضمارا لـ(الإجابة) ؛ كأنهم حين قالوا: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ؛ أسر يوسف إجابتهم في نفسه، ولم يبدها لهم في الوقت، ودل على إضمار ذلك ما تقدم من مقالتهم، قال: ويجوز أن يكون المضمر (المقالة) ؛ كأن المعنى: أسر يوسف مقالتهم، والمقالة والقول سواء، وتكون (المقالة) بمعنى المقول، لا بمعنى اللفظ؛ كـ (الخلق) بمعنى: المخلوق، ويكون معنى (أسرها): وعاها، وأكنها في نفسه؛ إرادة التوبيخ بها، والمجازاة عليها.
وقوله: فلما استيأسوا منه : قراءة الجماعة على الأصل، ومن قرأ {استايسوا} ؛ فعلى أنه قلب، فقدمت الهمزة، وأخرت الياء، ثم قلبت الهمزة ألفا؛ لأنها ساكنة قبلها فتحة.
وقوله: {نجيا}: حال من المضمر في {خلصوا}، وهو واحد في معنى الجمع.
ومن قبل ما فرطتم في يوسف : يجوز أن تكون {ما} زائدة، فيتعلق الظرفان اللذان هما ومن قبل و في يوسف بالفعل الذي هو {فرطتم}.
ويجوز أن تكون {ما} والفعل مصدرا، ومن قبل متعلقا بفعل مضمر؛ [ ص: 532 ] التقدير: تفريطكم في يوسف واقع من قبل، فـ {ما} والفعل في موضع رفع بالابتداء، والخبر هو الفعل المضمر الذي يتعلق به ومن قبل .
أبو علي: الخبر قوله: في يوسف ، قوله: ومن قبل معمول هذا الظرف الذي هو في يوسف وإن تقدم عليه؛ لأن الظرف يتقدم على ما يعمل فيه وإن كان العامل معنى؛ كقولك: (أكل يوم لك ثوب؟) ؛ فالتقدير على هذا: وتفريطكم في يوسف من قبل.
وقال بعض النحويين: إن قوله: ومن قبل متعلق بالاستقرار، ولا يجوز أن يتعلق بـ {فرطتم} ؛ لأن فيه تقدمة الصلة على الموصول.
أبو علي: لا يجوز أن يرتفع قوله: ما فرطتم بالظرف؛ لأن {قبل} لما بني؛ خرج عن أن يكون خبرا.
ويجوز أن يكون موضع {ما} نصبا على النسق على {أن} ؛ والمعنى: ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله، وتعلموا تفريطكم؛ فـ {من} من قوله: ومن قبل متعلقة بـ {تعلموا}.
* * *