الإعراب:
وجه ما روي عن رضي الله عنه من قراءته: {غلبت الروم}، و {سيغلبون}: أنه روي عنه أنه قال: غلبت علي الروم على أدنى ريف الشام.
من قبل ومن بعد : ظرفان مبنيان على الضم؛ إذ كانا غايتين، قد قطعا عن الإضافة التي هي غايتهما، فصار كل واحد منهما كبعض اسم، وبني على الحركة؛ لأن له أصلا في التمكن، وكانت الحركة ضمة؛ لأنها أدل على البناء؛ من حيث كانت لا تكون له في حال الإعراب. وقوله:
علي بن سليمان: بنيا لأنهما متعلقان بما بعدهما؛ فأشبها الحروف التي لا تفيد إلا بما بعدها، وأعطيا الضمة التي هي غاية الحركات؛ لما كانا غايتين.
[ ص: 214 ] لما تضمنا معنيين: معناهما في أنفسهما، ومعنى ما بعدهما المحذوف؛ بنيا، وأعطيا أقوى الحركات. الفراء:
وقيل: بنيا على الضم؛ لأنهما أشبها المنادى المفرد؛ من حيث كان يعرب إذا أضيف، أو نكر؛ كما فعل بهما.
ومن روى المد في {وآثاروا الأرض} ؛ فلا وجه له سوى إشباع حركة الهمزة.
ومن نصب ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى ؛ [جعل {عاقبة} خبر {كان}، واسمها يجوز أن يكون {السوأى}، ويكون التقدير: ثم كان السوأى عاقبة الذين أساءوا]؛ لأن كذبوا، ولا تكون {أن} متعلقة بـ {أساءوا}، فيكون في ذلك تفريق بين الصلة والموصول بخبر {كان} ؛ لأن {أساءوا} في صلة {الذين}.
[ ص: 215 ] ويجوز أن يكون اسمها أن كذبوا ، فيكون التقدير: ثم كان التكذيب عاقبة الذين أساءوا، ويكون {السوأى} مصدرا لـ {أساءوا}.
ومن رفع {عاقبة} ؛ جاز أن يكون خبر {كان}: {السوأى}، [وجاز أن يكون الخبر أن كذبوا ، على أن يكون {السوأى}] مصدرا، على ما تقدم، أو صفة لمحذوف؛ أي: الخلة السوأى.
وقوله: يومئذ يتفرقون : بدل من ويوم تقوم الساعة ؛ لأنه هو؛ والتقدير: ويوم تقوم الساعة يوم إذ ذاك يتفرقون، فحذف الجملة المضافة إليها؛ للدلالة عليها.
ومن قرأ: {حينا تمسون وحينا تصبحون} ؛ بالتنوين؛ أراد: حينا تمسون فيه، وحينا تصبحون فيه؛ فحذف (فيه) ؛ تخفيفا، والقول فيه كالقول في واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ؛ [البقرة: 48].
والقول في: {للعالمين} و {للعالمين}: بين.
وقوله: ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون : قوله من الأرض : [ ص: 216 ] يجوز أن يكون حالا من المخاطبين، كأنه قال: دعاكم من الأرض؛ أي: دعاكم خارجين من الأرض، فيكون متعلقا بمحذوف، وفيه ذكر يرجع إلى ذي الحال، والحال للمخاطب.
ويجوز أن يكون صفة لـ {دعوة}، وصفت بكونها من الأرض، وفيه ذكر أيضا.
وأجاز بعضهم أن يكون من الأرض متعلقا بـ {تخرجون}، وأنكره أبو علي؛ بسبب أن {إذا} انقطع ما بعدها مما قبلها، قال: وقوله: إذا أنتم تخرجون : في موضع (خرجتم) ؛ كقوله: وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون [التوبة: 58]، وشبهه.
وقوله: فأنتم فيه سواء : ابتداء وخبر في موضع فعل وفاعل، وموضعهما نصب؛ والمعنى: أنهم لا يملكون؛ فيساووكم.
[ ص: 217 ] وتقدير في ما رزقناكم : في ملك ما رزقناكم، فحذف المضاف.
وقوله: {تخافونهم} أي: تخافون تسويتهم إياكم.
كخيفتكم أنفسكم : الكاف في {كخيفتكم}: في موضع نعت لمصدر محذوف.
فطرت الله : منصوب بإضمار فعل؛ [التقدير: اتبعوا فطرة الله]، ودل عليه فأقم وجهك ؛ لأن معناه: اتبع الدين.
وقيل: إن نصبها على المصدر؛ لأن المعنى: فطر الله الناس فطرة.
وقوله: وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون : قوله: إذا هم يقنطون : في موضع (قنطوا)، ووقعت {إذا} جوابا للشرط؛ لأنها للمفاجأة، فهي مطابقة للشرط في المعنى؛ من حيث كانت لا بد لها من عاملين؛ كما لا بد للشرط وجوابه من فعلين.
الخليل: لا يجوز دخول الفاء على {إذا} ؛ لأنها جعلت ههنا جوابا للشرط [ ص: 218 ] بمنزلة الفاء، ووقع بعدها ما يقع بعد الفاء، وجعل فيها بعض ما في الفاء، فصارت كأنها الفاء، فلا يجوز إدخال الفاء على الفاء؛ يعني بقوله: (جعل فيها بعض ما في الفاء): أنها يقع بعدها ما لم يكن؛ كما يقع بعد الفاء ما لم يكن؛ لأن (السيئة) في قوله تعالى: وإن تصبهم سيئة لم تصبهم بعد؛ فالمعنى: وإن تصبهم يقنطوا، ولا يجوز أن يقع بعد {إذا} ما قد كان، ويراد به معنى ما لم يقع؛ كما يكون مع الفاء؛ نحو: (إذا جئتني؛ فزيد عندي) ؛ لأن الفاء أصل في الجواب، و {إذا} فرع، فلا يكون في {إذا} كل ما يكون في الفاء؛ فهذا معنى قول الخليل: (جعل فيها بعض ما في الفاء).
ولا يقع الفعل بعد {إذا} هذه؛ لأن ما بعدها مرفوع بالابتداء، وهي خبر عنه، فكما أن المبتدأ لا يكون إلا اسما؛ فكذلك {إذا} هذه لا يكون ما بعدها إلا اسما.