تقدم القول في معنى {فزع} ؛ بالزاء والعين، ومن بناه للفاعل؛ ففاعله ضمير يرجع إلى اسم الله عز وجل، ومن بناه للمفعول؛ فالجار والمجرور في موضع رفع، والفعل في المعنى لله عز وجل، والمعنى في القراءتين: أزيل الفزع عن قلوبهم، حسب ما قدمناه، ومثله: (أشكاه) ؛ إذا أزال عنه ما يشكوه.
ومن قرأه {فزع} ؛ بالزاي والعين، والتخفيف؛ فالجار والمجرور أيضا في موضع رفع، حسب ما تقدم، وهو كقولك: (انصرف من كذا إلى كذا)، وكذلك معنى {فرغ} ؛ بالراء والغين غير مسمى الفاعل، والتخفيف.
ومن قرأ: {فرغ} فالمعنى: فرغ الله قلوبهم؛ أي: كشف عنها؛ أي: فرغها من الفزع، وإلى ذلك يرجع البناء للمفعول، على هذه القراءة.
وقوله: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين : {إياكم} معطوف على اسم (إن) ؛ والمعنى: وإنا لعلى هدى أو في ضلال مبين، وإنكم لكذلك. [ ص: 354 ] فقوله: لعلى هدى أو في ضلال مبين خبر عن الثاني على مذهب وحذف خبر الأول لدلالة الثاني عليه. سيبويه،
وهو على مذهب على التقديم والتأخير، فقوله: المبرد لعلى هدى أو في ضلال مبين خبر عن الأول، وخبر الثاني محذوف؛ لدلالة الأول عليه.
ولو قيل في الكلام: (وإنا أو أنتم لعلى هدى أو ضلال مبين) ؛ لجاز، ولكان محمولا على التأخير، ومرفوعا بالابتداء، ويكون قوله: لعلى هدى أو في ضلال مبين خبرا عن الأول، وخبر الثاني محذوف في قول الجماعة، وهو كقولك: إن زيدا وعمرو قائم، ومثله قول الشاعر: [من الوافر]
وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق
ولا يصح في هذا العطف على الموضع؛ لأن الحمل على التأويل قبل تمام الكلام فاسد.
و (أو) عند البصريين على بابها، وليست للشك، ولكنها على ما تستعمله العرب في مثل هذا، إذا لم يرد المخبر أن يبين وهو عالم بالمعنى.
[ ص: 355 ] وقال هي بمعنى الواو. أبو عبيدة:
وقوله: قل أروني الذين ألحقتم به شركاء : يجوز أن يكون من (رأيت) المعتدي إلى مفعولين، فيكون {شركاء} المفعول الثالث؛ والتقدير: أروني الذين ألحقتموهم به شركاء؛ [أي جعلتموهم له شركاء]؛ أي: دلوني على هذا الذي تدعونه، ويجوز أن يكون من رؤية البصر، فيكون {شركاء} حالا، ويكون التقدير: أوجدونيهم مشركين؛ أي: في هذه الحال.
قل لكم ميعاد يوم : أضيف (الميعاد) اتساعا، ويجوز: (ميعاد يوم)، على أن يكون (ميعاد) ابتداء، و (يوم): بدل منه، والخبر (لكم).
[ ص: 356 ] ويجوز: (ميعاد يوما)، على أن ينصب (يوما) على الظرف، وتكون الهاء في {عنه} ضميره.
ولا تصح إضافة {يوم} إلى ما بعده إذا قدرت الهاء عائدة عليه؛ لكون ذلك إضافة الشيء إلى نفسه؛ من أجل الهاء التي في الجملة، ويجوز ذلك على أن تكون الهاء لـ (الميعاد).
ومن قرأ {بل مكر الليل والنهار} ؛ فالتقدير: بل مكر كائن في الليل والنهار؛ فحذف، ويجوز أن يقدر تعلقه بـ (مكر) من غير حذف؛ فيكون التقدير: بل مكر في الليل والنهار صدنا.
ومعنى {بل مكر الليل والنهار} على قراءة من قرأ ذلك: بل كرورهما، وارتفاعه بالابتداء، والخبر محذوف، حسب ما قدمناه، ويجوز أن يرفع بفعل مضمر دل عليه: أنحن صددناكم ؛ كأنهم لما قالوا لهم: أنحن صددناكم عن الهدى قالوا لهم: بل صدنا مكر الليل والنهار.
[ ص: 357 ] و {إذ} من قوله إذ تأمروننا يجوز أن تتعلق بـ (المكر) ؛ أي: مكرهما في هذا الوقت، ويجوز أن تكون حالا من (المكر) ؛ أي: مكرهما كائنا في هذا الوقت؛ فيكون حالا من الحدث.
وقراءة الجماعة على تقدير: بل مكر الليل والنهار صدنا، وقال هو على تقدير: هذا مكر الليل والنهار. الأخفش:
وقوله: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى : قال (التي): للأموال والأولاد، وقيل: هي للأولاد خاصة، وحذف خبر (الأموال) ؛ لدلالة الثاني عليه. الفراء:
وموضع {زلفى} نصب على المصدر؛ كأنه قال: بالتي تقربكم عندنا تقريبا. إلا من آمن وعمل صالحا موضع {من} نصب على الاستثناء.
هي بدل من الكاف والميم في {تقربكم}، وفيه بعد؛ بسبب بدل الغائب من المخاطب، وأجاز الزجاج كون موضعها رفعا؛ على تقدير: ما هو إلا [ ص: 358 ] من آمن. الفراء
والقول في {الغرفات}، {يدرسونها} ظاهر.
وقوله: أن تقوموا لله مثنى وفرادى يجوز أن يكون موضع {أن} جرا على البدل من {واحدة}، ويجوز أن يكون رفعا على إضمار مبتدأ.
ومن قرأ: {وأخذ من مكان قريب} ؛ جاز أن يكون ارتفاعه بفعل مضمر دل عليه: فلا فوت ؛ كأنه قال: وأحاط بهم أخذ، وجاز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، ودل عليه ما دل على الفعل؛ فكأنه قال: وثم أخذ.
ومن قرأ {وأخذوا} ؛ فهو معطوف على ما دل عليه: فلا فوت ؛ كأنه قال: أحيط بهم، وأخذوا، ولا يكون معطوفا على(فزعوا) ؛ لأن المعنى على: ولو ترى إذا فزعوا؛ فلم يفوتوا، وأخذوا.
وقد تقدم القول في {التناوش}.
ومن قرأ: {ويقذفون بالغيب} ؛ فالمعنى: يرمون، وقد تقدم قول ابن [ ص: 359 ] زيد: إنه القرآن، ومن قرأ: {ويقذفون} ؛ أراد: تخرصهم.
* * *
سوى الشامي؛ فهي فيه خمس وخمسون آية، عد: هذه السورة مكية، وعددها أربع وخمسون آية في جميع الأعداد، عن يمين وشمال [15]، ولم يعدها من سواه.
* * *