وقوله: وإذا قيل انشزوا فانشزوا : قال: أي: انهضوا إلى الحرب. الحسن:
المعنى: إذا قيل لكم: ارتفعوا عن مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فارتفعوا. ابن زيد:
المعنى: أجيبوا إذا دعيتم إلى أمر بمعروف. قتادة:
وقد تقدم اشتقاق (النشوز) .
وقوله: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات : [قال مدح الله تعالى العلماء في هذه الآية، والمعنى: أنه ابن مسعود: أي: درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به. يرفع الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات]،
[ ص: 357 ] وقيل: يرفعهم في الثواب والكرامة، وقيل: يرفعهم في الفضل في الدنيا والمنزلة.
يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة : قال وقوله: نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على النبي عليه الصلاة والسلام، حتى شقوا عليه، فأراد الله التخفيف عنه، فكف كثير من الناس، ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها. ابن عباس:
نزلت بسبب أن المنافقين واليهود كانوا يناجون النبي عليه والصلاة والسلام، [ويقولون: إنه أذن، يسمع كل ما قيل له]، وكان لا يمنع أحدا مناجاته، فكان ذلك يشق على المسلمين؛ لأن الشيطان كان يلقي في أنفسهم أنهم ناجوه بأن جموعا اجتمعت لقتاله، قال: فأنزل الله تعالي: زيد بن أسلم: يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول الآية، فلم ينتهوا؛ فأنزل الله هذه الآية، فانتهى أهل الباطل عن النجوى، لأنهم لم يقدموا بين يدي نجواهم صدقة، وشق ذلك على أهل الإيمان، وامتنعوا من النجوى؛ لضعف مقدرة كثير منهم عن الصدقة، فخفف الله عنهم بما بعد الآية.
قال بعض العلماء: نسخت هذه الآية قبل أن يعمل بها، وقال بعضهم: نسخت بعد أن عمل بها رضي الله عنه، ولم يعمل بها غيره، روي ذلك عنه، وروي أنه قال: تصدقت بدينار، وناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن علي رضي الله عنه أنه قال: قال لي [ ص: 358 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت: «أترى أن يكون دينارا؟» ، قلت: لا يطيقونه، قال: «فكم؟» فقلت: شعيرة، فقال: «إنك لزهيد» ، فنزلت: علي أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات الآية، قال: فبي خفف الله عن هذه الأمة.