التفسير : 
سأل سائل بعذاب واقع  للكافرين   أي : دعا داع ، عن  ابن عباس  ، وغيره ، والباء [يجوز أن تكون] زائدة ، ويجوز أن تكون بمعنى : (عن) ، وذلك مروي عن  قتادة  ، قال : كأن سائلا سأل عن العذاب ، فقيل له : للكافرين . 
 المبرد   : هي متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل . 
 ابن عباس   : نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة  حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك  الآية [الأنفال : 32] . 
 ابن زيد  ، وعروة بن ثابت   : {سال} : من السيلان ، و {سائل} : واد في جهنم ، هذا على قراءة من لم يهمز . 
وقال  الحسن   : أنزل الله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع  ، فقالوا : لمن هو؟ فقال : {للكافرين} ؛ فاللام في {للكافرين} متعلقة بـ {واقع} . 
 [ ص: 476 ] وقيل : إن اللام بمعنى : (على) ؛ والمعنى : واقع على الكافرين ، وروي : أنها في قراءة أبي كذلك . 
 الفراء   : المعنى : بعذاب للكافرين واقع ، ولم يجز تعلق اللام بـ {واقع} . 
ليس له دافع  من الله ذي المعارج  أي : ليس له من الله دافع ] ، قاله  ابن عباس  ، وقوله : ذي المعارج  أي : ذي العلو ، والدرجات الفواضل ، والنعم ، قاله  ابن عباس  ، وقيل : نسب {المعارج} التي تعرج الملائكة فيها إلى نفسه عز وجل . 
تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة  أي : مقدار الحكم فيه لو تولاه مخلوق- خمسون ألف سنة ، قاله  عكرمة   . 
 مجاهد   : تعرج الملائكة من الأرض السابعة إلى السماوات السبع في مسافة هذا مقدارها ، وعنه أيضا : الدنيا خمسون ألف سنة ، لا يدري أحدكم ما مضى منها؟ ولا كم بقي؟ 
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير؛ والمعنى : بعذاب واقع ، في يوم كان مقداره  [ ص: 477 ] خمسين ألف سنة للكافرين؛ أي : هو في صعوبته على الكافرين كهذا المقدار ، ثم قال : تعرج الملائكة والروح إليه ، فاصبر صبرا جميلا . 
وقال  ابن عباس   : هو يوم القيامة . 
وقوله : إنهم يرونه بعيدا  يعني : العذاب ، وقال  الأعمش   : البعث . 
وقوله : يوم تكون السماء كالمهل   : تقدم القول في (المهل) . 
وتكون الجبال كالعهن  أي : كالصوف ، واحدته : (عهنة) . 
ولا يسأل حميم حميما  أي : لا يسأل حميم عن حميم ، وقيل : المعنى : أن بعضهم يرى بعضا ، فلا يسأله؛ لشغله بما هو فيه ، قاله قتادة . 
ومن ضم الياء من {يسأل} ؛ فالمعنى : لا يطلب قريب من قريب؛ لأن كل واحد من أهل الجنة والنار له علامة يعرف بها . 
وقوله : {يبصرونهم} أي : يبصر كل إنسان قريبه ، فيعرفه . 
ابن عباس : يبصر بعضهم بعضا ، فيتعارفون ، ثم يفر بعضهم من بعض ، فالضمير في (يبصرون) - على هذا- للكفار ، والهاء والميم للأقرباء . 
وقال  مجاهد   : المعنى : يبصر الله المؤمنين الكفار في القيامة ، فالضمير في  [ ص: 478 ]  (يبصرون) للمؤمنين ، والهاء والميم [للكفار . 
 ابن زيد   : المعنى : يبصر الله الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا ، فالضمير في (يبصرون) للتابعين ، والهاء والميم] للمتبوعين . 
وقوله تعالى : وفصيلته التي تؤويه  يعني : عشيرته الأدنين الذين يضمونه . 
ومن في الأرض جميعا  أي : ويود لو افتدى بمن في الأرض جميعا . 
ثم ينجيه   : [أي : ثم ينجيه] الافتداء . 
وقوله : {كلا} أي : ليس الأمر كما ظن . 
إنها لظى   : {لظى} : اسم من أسماء جهنم . 
نـزاعة للشوى   : قال  ابن زيد   : (الشوى) : الآراب ، قال : تقطع عظامهم ، ثم تحرق ، وتبدل جلودهم . 
 ابن جبير   : (الشوى) : العصب ، والعقب . 
 [ ص: 479 ] الحسن : (الشوى) : الهام . 
أبو رزين   : جلدة الرأس . 
مجاهد : الجلد ، وعنه أيضا : الأطراف . 
وقوله : تدعو من أدبر وتولى  أي : أدبر عن الحق ، وتولى عنه . 
[ وجمع فأوعى  أي] : وجمع المال ، فأوعاه؛ أي : جعله في وعائه ، ومنع منه حق الله عز وجل . 
ومعنى {تدعو} : تطلب ، وتريد . 
الخليل   : دعاؤها إياهم : ما تفعله بهم . 
وقوله : إن الإنسان خلق هلوعا  يعني : الكافر ، عن الضحاك ، و (الهلع : أشد الجزع ، وكذلك قال قتادة وغيره؛ فالمعنى : أنه لا يصبر في خير ولا شر . 
 عكرمة   : هو الضجور ، الحسن : البخيل بالخير . 
وقوله : إلا المصلين   : دال على أن ما قبله في الكفار . 
قال  النخعي   : المراد بـ (الصلاة) ههنا : المكتوبة . 
 ابن مسعود   : هو صلاتها لوقتها ، فأما تركها؛ فكفر . 
وقوله : فمال الذين كفروا قبلك مهطعين   : قيل : معناه : ما بال الذين كفروا يسرعون  [ ص: 480 ] إلى السماع منك؛ ليعيبوك ، ويستهزئوا بك ؟ وقيل : معناه : ما بالهم مسرعين في التكذيب لك؟ 
وقوله : عن اليمين وعن الشمال عزين  أي : متفرقين . 
 ابن عباس   : عصبا يستهزئون بالنبي عليه الصلاة والسلام . 
أبو عبيدة : {عزين} : جماعات في تفرقة . 
وقيل : المعنى : متفرقين في أديانهم ، مخالفين للإسلام . 
وواحدة {عزين} : (عزة) ، جمع بالواو والنون؛ ليكون ذلك عوضا مما حذف منها ، وأصلها : (عزهة) ، فاعتلت؛ كما اعتلت (سنة) في من جعل أصلها : (سنهة) ، وقيل : أصلها : (عزوة) من (عزاه يعزوه) ؛ إذا أضافه إلى غيره ، فكل واحدة من الجماعات مضافة إلى الأخرى ، فالمحذوف منها الواو . 
وقوله : إنا خلقناهم مما يعلمون  أي : أنهم يعلمون أنهم مخلوقون من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة؛ كما خلق سائر جنسهم ، فليس لهم فضل يستوجبون به الجنة ، وإنما تستوجب بالإيمان ، والعمل الصالح ، ورحمة الله عز وجل . 
 [ ص: 481 ] وقوله : فلا أقسم برب المشارق والمغارب   : (لا) : صلة؛ والمعنى : فأقسم ، و {المشارق} : مشارق الشتاء والصيف ، وكذلك {المغارب} . 
وقوله : وما نحن بمسبوقين  أي : لا يفوتنا أمر نريده . 
وقوله : يوم يخرجون من الأجداث  أي : من القبور . 
كأنهم إلى نصب يوفضون   : قال  الحسن   : كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ، لا يلوي أولهم على آخرهم . 
و (النصب) و (النصب)) مثل : (الضعف والضعف) ، ويجوز أن يكون (النصب) مخففا من (النصب) ، و (النصب) : جمع (نصاب) ؛ وهو حجر أو صنم يذبح عليه ، وقيل : هو جمع (نصب) ؛ كـ (سقف ، وسقف) . 
				
						
						
