وقوله: فإن أحصرتم (الإحصار) في قول أكثر العلماء وأهل اللغة بالمرض، أو ذهاب النفقة، و (الحصر): حبس العدو، وأجاز استعمال كل [ ص: 438 ] واحد منهما مكان الآخر، وأباه الفراء المبرد . والزجاج
واختلف العلماء فيه؛ فقال بعضهم: معنى الآية: إن حبسكم خوف عدو، أو مرض، أو وجه من وجوه المنع، هذا قول مجاهد، وغيرهما، وروي نحوه عن وقتادة، وروي عنه أيضا: أن الحصر: منع العدو لا غير، وعن ابن عباس، أيضا: أن الإحصار منع المرض لا غير. مجاهد
وعن : أنه جعل رجلا لدغ محصرا. ابن مسعود
وعن : أن الثوري ومن الخوف، وغيرهما. الإحصار من المرض،
وكذلك، قال وأصحابه: أبو حنيفة سواء. حكم المحصر بالعدو والمرض
ومذهب في الآية: أن الإحصار بالمرض؛ فإنه لا يقال: ( حصر) إلا في العدو، ولا يحل عنده حتى يطوف مالك بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، وكذلك حكم كل من أحصر بغير عدو، فإذا وصل إلى البيت بعد فوت الحج؛ عمل [ ص: 439 ] عمل العمرة وقطع التلبية أوائل الحرم، وعليه حج قابل، والهدي مع القضاء للفوات، ولا يجزئه هدي إن كان معه الآن، فإن تمادى مرضه إلى حج قابل، ثم صح، فمضى على إحرامه الأولي؛ أجزأه، ولا دم عليه.
وأجمعوا على أن كل من حصر بعدو ينحر، ويحلق، ويحل، ولا قضاء عليه لحج ولا عمرة، ولا هدي عليه سوى الذي معه عند مالك، وغيرهما. والشافعي،
وعليه القضاء عند وأصحابه للحج، وعليه عمرة مع ذلك، وقاله أبي حنيفة . النخعي
وقال مجاهد، والشعبي، : القضاء بغير عمرة، فإن كان ضرورة؛ فحجة الإسلام واجبة عليه بإجماع. وعكرمة
وقوله: فما استيسر من الهدي يعني: شاة عند مالك، والشافعي، وغيرهم. وأبي حنيفة،
وروي عن عائشة : أنه من الإبل والبقر. وابن عمر
[ ص: 440 ] وقوله: حتى يبلغ الهدي محله يعني: منى .