التفسير:
روي عن ابن مسعود، وابن عباس: أن {النازعات} الملائكة، تنزع الأرواح من الأبدان، وعن ابن عباس أيضا قال: المعنى: ينزع ملك الموت أرواح الكفار، ثم يغرقها; أي: يرددها في جسده، ثم ينزعها.
السدي: {النازعات}: النفوس تنزع بالخروج من البدن.
الحسن، وقتادة: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق.
عطاء: هي القسي تنزع بالسهام.
و غرقا بمعنى: إغراقا; أي: إبعادا في النزع.
وقوله: والناشطات نشطا : قال ابن عباس: يعني: أنفس الكفار والمنافقين، تنشط كما ينشط العقب الذي يعقب به السرج، و (النشط): الجذب بسرعة، وعنه أيضا: أن والناشطات الملائكة تنشط النفوس; كما ينشط العقال من يد البعير إذا حل عنه; يعني: قبضها الأرواح بسرعة، وعنه أيضا: أنها الملائكة تنشط بأمر الله تعالى إلى حيث كان.
السدي: هي النفس كما تنشط خاشعة من القدمين.
الفراء: يقال: (نشطه); إذا ربطه، و(أنشطه); إذا حله، غيره: هما لغتان.
[ ص: 20 ] مجاهد: والناشطات : ملائكة الموت تنشط نفس المؤمن، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس.
قتادة: هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق.
عطاء: هي الوحش تنشط من بلد إلى بلد، وعنه أيضا: أنها الأوهاق.
وقوله: والسابحات سبحا : قال مجاهد: هي الملائكة تسبح في نزولها وصعودها، وعنه أيضا: والسابحات : الموت يسبح في أنفس بني آدم.
قتادة: هي النجوم تسبح في فلكها.
عطاء: هي السفن.
وقيل: هي أنفس المؤمنين تسبح شوقا إلى الله تعالى.
وقوله: فالسابقات سبقا : قال مجاهد: هي الملائكة سبقت إلى طاعة الله، وعنه أيضا: الملائكة تسبق الشياطين بالوحي، وعنه أيضا: الموت.
قتادة، ومعمر: هي النجوم تسبق بعضها بعضا في السير.
عطاء: هي الخيل السابقة.
[ ص: 21 ] وقيل: هي نفس المؤمن تسبق إلى ملك الموت; شوقا إلى الله عز وجل.
وقوله: فالمدبرات أمرا : الملائكة تنزل بتدبير الحلال والحرام، وغير ذلك، قاله ابن عباس، وقتادة، وغيرهما.
وقيل: تدبيرها: ما وكلت به من الأمطار، والرياح، ونحو ذلك.
وجواب القسم محذوف; كأنه قال: وهذه الأشياء لتبعثن، قاله الفراء، وقيل: الجواب: إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ، وقيل: الجواب: يوم ترجف الراجفة ; على تقدير: ليوم ترجف الراجفة; فحذفت اللام.
و {الراجفة}: الزلزلة، عن مجاهد، تتبعها الرادفة : الصيحة.
ابن زيد: {الراجفة}: الأرض، و {الرادفة}: الساعة.
ابن عباس: {الراجفة}: النفخة الأولى، و {الرادفة}: النفخة الثانية، وبينهما -فيما روي- أربعون سنة.
وقوله: قلوب يومئذ واجفة أي: وجلة، عن مجاهد، وأصله: الانزعاج، والاضطراب، ومنه: (الإيجاف في السير).
أبصارها خاشعة أي: أبصار أصحاب تلك القلوب.
[ ص: 22 ] وقوله: يقولون أإنا لمردودون في الحافرة : العرب تقول: (رجع في حافرته); إذا رجع من حيث جاء.
ابن عباس، والسدي: الحافرة : [الحياة] الثانية.
وقيل: {الحافرة}: الأرض، وهي على هذا (فاعلة) بمعنى: (مفعولة); فكأنهم قالوا: أنرد في قبورنا أحياء بعد موتنا؟
ابن زيد: {الحافرة}: اسم من أسماء النار.
وليس قوله: أإنا لمردودون في الحافرة : متصلا بما قبله; لأنه حكاية عن قولهم في الدنيا، إلا أن يضمر (كان); فيتصل; أي: كانوا يقولون ذلك في الدنيا.
وقوله: أإذا كنا عظاما نخرة أي: بالية، قاله أبو عمرو، والفراء.
أبو عمرو: (الناخرة) التي لم تبل بعد، وقيل: (الناخرة): المجوفة، وقيل: هما بمعنى.
[ ص: 23 ] قالوا تلك إذا كرة خاسرة أي: رجعة نخسر فيها إن كانت; لأنهم أوعدوا بالنار.
الحسن: {خاسرة}: كاذبة; أي: ليست كائنة.
وقوله: فإنما هي زجرة واحدة أي: صيحة.
فإذا هم بالساهرة يعني: الأرض، عن ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما، وإنما قيل لها: (ساهرة); لأنهم لا ينامون عليها حينئذ، وقيل: لأنها منتظرة لما يرد عليها; فهي كالمتيقظ.
الثوري: (الساهرة): أرض الشام.
وهب بن منبه: (الساهرة): جبل إلى بيت المقدس.
قتادة: (الساهرة): جهنم.
وقيل: هي أرض من فضة، لم يعص الله عليها.
وقوله: فقل هل لك إلى أن تزكى أي: تسلم; فتطهر من الذنوب.
وقوله: ثم أدبر يسعى} أي: ولى مدبرا معرضا، وقيل: أدبر يسعى هاربا من الحية.
وقوله: فأخذه الله نكال الآخرة والأولى : {الأولى}: [قوله: [ ص: 24 ] ما علمت لكم من إله غيري [القصص: 38]، و {الآخرة} ]: قوله: أنا ربكم الأعلى ، قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما، [وعن مجاهد أيضا: أول عمله، وآخره].
الحسن، وقتادة: عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، وعن قتادة أيضا: الآخرة والأولى : حين كذب وعصى، وحين قال: أنا ربكم الأعلى .
وقوله: أأنتم أشد خلقا أم السماء : تقرير وتوبيخ.
وقوله: رفع سمكها فسواها أي: جعلها مستوية.
وأغطش ليلها أي: أظلمه، عن ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما.
وأخرج ضحاها أي: نورها، ونسب النور والظلمة إلى السماء; لأنهما ينشآن منها.
[وتقدم القول في: {والأرض بعد ذلك دحاها ، و (الدحو): البسط].
وقوله: متاعا لكم ولأنعامكم أي: منفعة تنتفعون بها.
وقوله: فإذا جاءت الطامة الكبرى يعني: القيامة، عن ابن عباس.
الحسن: النفخة الثانية.
وقيل: هو حين يساق أهل النار إلى النار، وهو من (طم); إذا ارتفع.
وقوله: فإن الجحيم هي المأوى أي: المأوى له، أو مأواه.
[ ص: 25 ] وقوله: فيم أنت من ذكراها} أي: في أي شيء أنت من ذكر الساعة والبعث؟
إلى ربك منتهاها أي: منتهى علمها.
إنما أنت منذر من يخشاها} أي: من يخاف عقاب الله فيها، [ولم تكلف علم وقت قيامها].
كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها أي: عشية يوم، أو ضحا تلك العشية، وهذا كقوله: قال لبثت يوما أو بعض يوم [الكهف: 19].
القراءات
أبو حيوة: {الحفرة}; بغير ألف.
حمزة، والكسائي، وأبو بكر: {ناخرة}; بألف، والباقون: {نخرة}.
وتقدم القول في {طوى}.
نافع، وابن كثير: {إلى أن تزكى}; بتشديد الزاي، وخفف الباقون.
الحسن، وعمرو بن ميمون: {والأرض بعد ذلك دحاها}، {والجبال [ ص: 26 ] أرساها}; بالرفع فيهما.
مالك بن دينار: وبرزت الجحيم .
عكرمة، وغيره: {لمن ترى}; بالتاء.
أبو جعفر بن القعقاع، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهما: {منذر من يخشاها}; بالتنوين.
* * *
[ليس فيها ياء إضافة، ولا محذوفة].


