4385 باب في قصة موسى مع الخضر، عليهما السلام
وقال النووي: (باب من انتهى. فضائل الخضر، عليه السلام).
"والخضر" بفتح الخاء وكسر الضاد. ويجوز: إسكان الضاد، مع فتح الخاء وكسرها، كما في نظائره. "والخضر" لقب، وسيأتي بيان اسمه.
وفي حديث يرفعه، عند أبي هريرة "إنما سمي الخضر: لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء. "الفروة": جلدة وجه الأرض. البخاري:
[ ص: 206 ] وقيل: الهشيم من النبات، وهذا متعين لكونه نصا صحيحا صريحا في محل النزاع، مرفوعا إلى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: فلا التفات بعد هذا إلى وجه آخر، في تسميته بذلك.
قال النووي: وقيل: لأنه كان إذا صلى، اخضر ما حوله. قال: والصواب الأول. فقد صح في الخ. البخاري..
قال: وبسطت أحواله في "تهذيب الأسماء واللغات". انتهى. والذي بسطه هناك، هو مطوي في ضمن هذا المقام.
قال فيه: وقيل: اسمه "بليا" بفتح الباء وسكون اللام، بعدها تحتية. مقصور. ابن ملكان، بن فالغ، بن عابر بن شالخ، بن أرفخشد، بن سام، بن نوح.
[ ص: 207 ] وقيل: "كليان".
قال في الفتح: فعلى هذا فمولده قبل إبراهيم الخليل؛ لأنه يكون ابن عم جد إبراهيم. وعن هو ابن آدم لصلبه. وهو ضعيف منقطع. ابن عباس:
وعن أبي حاتم: أنه ابن قابيل بن آدم. وعن "ابن لهيعة": كان ابن فرعون نفسه. وقيل: ابن بنت فرعون. وقيل: كان أخاه إلياس. وعن قوم: أنه كان من الملائكة، وليس من بني آدم.
قال النووي في "تهذيب الأسماء": وكنية الخضر: "أبو العباس". وهو صاحب موسى النبي "عليه السلام". الذي سأل السبيل إلى لقيه. وقد أنبأ الله تعالى عليه في كتابه، بقوله: [ ص: 208 ] فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما وأخبر عنه في باقي الآيات: تلك الأعجوبات. وقال: موسى الذي صحبه: هو موسى بني إسرائيل، كليم الله تعالى. كما جاء به الحديث المشهور، في صحيحي البخاري وهو مشتمل على عجائب، من أمرهما. والله أعلم. ومسلم.
(حديث الباب)
وهو بصحيح \ مسلم النووي، ص 136 - 142 جـ 15، المطبعة المصرية
[عن قال سعيد بن جبير إن لابن عباس نوفا البكالي يزعم أن موسى عليه السلام صاحب بني إسرائيل ليس هو موسى صاحب الخضر عليه السلام، فقال: كذب عدو الله! سمعت يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أبي بن كعب موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم، قال: فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه أن عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال قام موسى: أي رب كيف لي به؟ فقيل له: احمل حوتا في مكتل فحيث تفقد الحوت فهو ثم؛ فانطلق وانطلق معه فتاه وهو يوشع بن نون فحمل موسى عليه السلام حوتا في مكتل وانطلق هو وفتاه يمشيان [ ص: 209 ] حتى أتيا الصخرة، فرقد موسى عليه السلام وفتاه فاضطرب الحوت في المكتل حتى خرج من المكتل، فسقط في البحر قال: وأمسك الله عنه جرية الماء حتى كان مثل الطاق، فكان للحوت سربا وكان لموسى وفتاه عجبا؛ فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ونسي صاحب موسى أن يخبره؛ فلما أصبح موسى عليه السلام قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال: ولم ينصب حتى جاوز المكان الذي أمر به قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال موسى ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا قال: يقصان آثارهما حتى أتيا الصخرة، فرأى رجلا مسجى عليه بثوب، فسلم عليه موسى فقال له الخضر أنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه، قال له موسى عليه السلام هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال له الخضر فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا قال نعم فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما [ ص: 210 ] سفينة فكلماهم أن يحملوهما فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه؛ فقال له موسى قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذا غلام يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله، فقال موسى أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال: وهذه أشد من الأولى قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه يقول: مائل، قال الخضر بيده هكذا فأقامه قال له موسى قوم أتيناهم فلم يضيفونا ولم يطعمونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله موسى لوددت أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهما، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت الأولى من موسى نسيانا، قال: وجاء عصفور حتى وقع على حرف السفينة ثم نقر في البحر، فقال له [ ص: 211 ] الخضر ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر قال وكان يقرأ: وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا، وكان يقرأ: وأما الغلام فكان كافرا]. سعيد بن جبير قلت