الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4401 [ ص: 278 ] باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم : فإني أومن به أنا ، وأبو بكر، وعمر)

                                                                                                                              وهو في النووي ، في (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 156 ، 157 ج 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن ابن شهاب حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعا أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث" .

                                                                                                                              فقال الناس: سبحان الله! تعجبا وفزعا، أبقرة تكلم؟!

                                                                                                                              فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإني أومن به، وأبو بكر، وعمر" .

                                                                                                                              قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب فقال له: من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري؟!" .

                                                                                                                              فقال الناس: سبحان الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإني أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر"
                                                                                                                              .

                                                                                                                              [ ص: 279 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 279 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة) رضي الله عنه، (قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بينما رجل) لم يسم (يسوق بقرة له ، قد حمل عليها) بتخفيف الميم .

                                                                                                                              وفي البخاري : "في بني إسرائيل ، يسوق بقرة إذ ركبها فضربها" .

                                                                                                                              (التفتت إليه البقرة ، فقالت : إني لم أخلق لهذا) التحميل ، (ولكني إنما خلقت للحرث) ، والحصر في ذلك: غير مراد اتفاقا .

                                                                                                                              (فقال الناس : سبحان الله) تعجبا وفزعا (أبقرة تكلم ؟ فقال

                                                                                                                              [ ص: 280 ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "فإني أومن به ، أنا وأبو بكر وعمر" . قال أبو هريرة : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بينا راع) لم يسم (في غنمه ، عدا عليه الذئب ، فأخذ منها شاة ، فطلبه الراعي) ليأخذها منه (حتى استنقذها منه ، فالتفت إليه الذئب ، فقال له : من لها؟) أي : الغنم (يوم السبع) : بضم الباء ، وإسكانها . الأكثرون على الضم . قال عياض : الرواية بالضم .

                                                                                                                              وقال بعض أهل اللغة : هي ساكنة . وجعله : "اسما للموضع ، الذي عنده المحشر يوم القيامة" . أي : من لها يوم القيامة ؟ وأنكر بعض أهل اللغة : أن يكون هذا اسما ليوم القيامة .

                                                                                                                              وقال بعض اللغويين : يقال : "سبعت الأسد" إذا ذعرته . فالمعنى على هذا : من لها يوم الفزع ؟ ويوم القيامة : يوم الفزع .

                                                                                                                              ويحتمل : أن يكون المراد : من لها يوم الإهمال ، من "أسبعت الرجل" : أهملته.

                                                                                                                              وقال بعضهم : "يوم السبع" بالإسكان : عيد كان لهم في الجاهلية ، يشتغلون فيه : بلعبهم ، فيأكل الذئب غنمهم.

                                                                                                                              وقال الداوودي : "يوم السبع" أي يوم يطردك عنها السبع ، وبقيت أنا [ ص: 281 ] فيها ، لا راعي لها غيري ، لفرارك منه ، فأفعل فيها ما أشاء. انتهى .

                                                                                                                              قال ابن الأعرابي : هو بالإسكان . أي : يوم القيامة ، أو يوم الذعر .

                                                                                                                              وأنكر عليه آخرون هذا ، لقوله : (يوم ليس لها راع : غيري) ويوم القيامة : لا يكون الذئب راعيها ، ولا تعلق له بها . والأصح : ما قاله الآخرون : أنها عند الفتن ، حين تتركها الناس هملا ، لا راعي لها : نهبا للسباع . فجعل الذئب لها راعيا. أي : منفرد بها . ويكون "بضم الباء" . والله أعلم .

                                                                                                                              (فقال الناس : سبحان الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فإني أومن بذلك) النطق ، الصادر من البقرة والذئب . والفاء فيه : جواب شرط محذوف ، تقديره : فإذا كان الناس يتعجبون منه ، ويستغربونه : فإني لا أتعجب منه ، ولا أستغربه . وأومن به (أنا ، وأبو بكر، وعمر) .

                                                                                                                              قال أهل العلم : إنما قال ذلك : ثقة بهما، لعلمه : بصدق إيمانهما ، وقوة يقينهما ، وكمال معرفتهما : لعظيم سلطان الله ، وكمال قدرته .

                                                                                                                              [ ص: 282 ] ففيه : فضيلة ظاهرة لأبي بكر وعمر ، رضي الله عنهما .

                                                                                                                              وفيه : جواز كرامات الأولياء ، وخرق العوائد. وهو مذهب أهل الحق . وسبقت المسألة مرات .




                                                                                                                              الخدمات العلمية