5235 باب: صفة الدجال وخروجه، وحديث الجساسة
وقال النووي : (باب قصة الجساسة)
(حديث الباب)
وهو بصحيح مسلم النووي ، ص78 - 83 ج18، المطبعة المصرية
(عن الحسين بن ذكوان؛ حدثنا ابن بريدة؛ حدثني -شعب همدان-؛ أنه سأل عامر بن شراحيل الشعبي أخت فاطمة بنت قيس، -وكانت من المهاجرات الأول-؛ فقال: الضحاك بن قيس
فقالت: نكحت ابن المغيرة -وهو من خيار شباب قريش، يومئذ- فأصيب، في أول الجهاد مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
فلما تأيمت: خطبني في نفر من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم. عبد الرحمن بن عوف،
[ ص: 456 ] وخطبني رسول الله، صلى الله عليه وسلم: على مولاه وكنت قد حدثت: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "من أحبني، فليحب أسامة". "أسامة بن زيد".
فلما كلمني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قلت: أمري بيدك، فأنكحني من شئت. فقال: "انتقلي إلى أم شريك".
وأم شريك: امرأة غنية، من الأنصار. عظيمة النفقة، في سبيل الله. ينزل عليها الضيفان. فقلت: سأفعل. فقال: "لا تفعلي. إن امرأة كثيرة الضيفان. أم شريك،
فإني أكره: أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك: فيرى القوم منك بعض ما تكرهين. ولكن انتقلي إلى ابن عمك: عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم".
-وهو رجل من بني فهر "فهر قريش"، وهو من البطن الذي هي منه- فانتقلت إليه.
فلما انقضت عدتي: سمعت نداء المنادي -منادي رسول الله، صلى الله عليه وسلم- ينادي: الصلاة جامعة. فخرجت إلى المسجد، فصليت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فكنت في صف النساء، التي تلي ظهور القوم.
فلما قضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلاته: جلس على المنبر -وهو يضحك-، فقال: "ليلزم كل إنسان مصلاه". ثم قال: "أتدرون لم جمعتكم؟".
[ ص: 457 ] قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: "إني والله! ما جمعتكم لرغبة، ولا لرهبة. ولكن جمعتكم، لأن كان رجلا نصرانيا، فجاء فبايع وأسلم. وحدثني حديثا، وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال. تميما الداري،
حدثني: أنه ركب في سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلا: من لخم وجذام. فلعب بهم الموج شهرا، في البحر. ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر، حتى مغرب الشمس. فجلسوا في أقرب السفينة. فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون: ما قبله من دبره. من كثرة الشعر. فقالوا: ويلك! ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة.؟
قالوا: وما الجساسة؟
قالت: أيها القوم! انطلقوا إلى هذا الرجل، في الدير. فإنه إلى خبركم بالأشواق.
قال: لما سمت لنا رجلا، فرقنا منها: أن تكون شيطانة.
قال: فانطلقنا سراعا، حتى دخلنا الدير. فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط- خلقا.
وأشده وثاقا. مجموعة يداه إلى عنقه -ما بين ركبتيه إلى كعبيه- بالحديد. قلنا: ويلك! ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري. فأخبروني ما أنتم؟
قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية. فصادفنا البحر، حين اغتلم.
[ ص: 458 ] فلعب بنا الموج شهرا. ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، فدخلنا الجزيرة. فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر. لا يدرى ما قبله من دبره: من كثرة الشعر.
فقلنا: ويلك! ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة. قلنا: وما الجساسة؟
قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق. فأقبلنا إليك سراعا، وفزعنا منها. ولم نأمن أن تكون شيطانة.
فقال أخبروني عن نخل بيسان. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها، هل يثمر؟ قلنا له: نعم.
قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر.
قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟
قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء.
قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب.
قال: أخبروني عن عين زغر. قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟
قال هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم. هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها.
قال: أخبروني عن نبي الأميين، ما فعل؟
قالوا: قد خرج من مكة، ونزل يثرب.
قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم.
[ ص: 459 ] قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه: أنه قد ظهر على من يليه من العرب، وأطاعوه.
قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم.
قال: أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه. وإني مخبركم عني. إني أنا المسيح.
وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية، إلا هبطتها، في أربعين ليلة -غير مكة وطيبة- فهما محرمتان علي، كلتاهما.
كلما أردت أن أدخل واحدة -أو واحدا- منهما: استقبلني ملك، بيده السيف صلتا، يصدني عنها. وإن على كل نقب منها: ملائكة يحرسونها.
قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم -وطعن بمخصرته في المنبر-: "هذه طيبة. هذه طيبة. هذه طيبة" يعني: المدينة- "ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟" فقال الناس: نعم. "فإنه أعجبني حديث تميم: أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه، وعن المدينة ومكة. ألا إنه في بحر الشأم، أو بحر اليمن. لا بل من قبل المشرق، ما هو. من قبل المشرق، ما هو. من قبل المشرق، ما هو" -وأومأ بيده إلى المشرق-.
قالت فحفظت هذا من رسول الله، صلى الله عليه وسلم ). حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم. لا تسنديه إلى أحد غيره. فقالت: لئن شئت، لأفعلن. فقال لها: أجل. حدثيني.
[ ص: 460 ]