ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم .
[104] فلما نزلت توبة هؤلاء، قال الذين لم يتوبوا من المتخلفين: هؤلاء كانوا معنا بالأمس لا يكلمون ولا يجالسون، فما لهم؟! فقال الله تعالى: ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده إذا صحت.
ويأخذ الصدقات أي: يقبلها وأن الله هو التواب الرحيم وأن من شأنه قبول توبة التائبين، قال - صلى الله عليه وسلم -: قال "والذي نفسي بيده! ما من عبد يتصدق [ ص: 238 ] بصدقة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا طيبا، ولا يصعد إلى السماء إلا طيب، إلا كأنما يضعها في يد الرحمن، فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه، حتى إن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها مثل الجبل العظيم" رحمه الله في "شرح السنة": كل ما جاء به الكتاب والسنة من هذا القبيل من صفات الباري تعالى؛ كالنفس والوجه واليد والرجل، والإتيان والمجيء والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك والفرح، فهذه ونظائرها صفات الله تعالى وردبها الشرع يجب الإيمان بها وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن البغوي كما لا تشبه ذاته ذات الخلق، قال الله تعالى: الباري لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى: 11] وعلى هذا مضى سلف الأمة وعلماء السنة، تلقوها جميعها بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها من التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله تعالى كما أخبر عن الراسخين في العلم فقال: والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا [آل عمران: 7] انتهى.
* * * [ ص: 239 ]