ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون .
[150] ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره التكرير تأكيد النسخ; ليعلم أن ذلك عزمة لا بد من فعلها، ثم أومأ إلى علة ذلك فقال:
لئلا يكون للناس عليكم حجة المعنى: أن التولية عن الصخرة إلى الكعبة يدفع احتجاج اليهود بأن المنعوت في التوراة قبلته الكعبة، وأن محمدا يجحد ديننا، ويتبعنا في قبلتنا، والمشركين بأنه يدعي ملة إبراهيم، ويخالف قبلته. قرأ عن ورش نافع، : (ليلا) بفتح الياء بغير همز. [ ص: 224 ] وأبو جعفر
إلا الذين ظلموا منهم استثناء من الناس، وهم اليهود ومشركو العرب، والمراد بالحجة: الاعتراض والمجادلة، لا الحجة حقيقة، والمجادلة الباطلة قد تسمى حجة; كقوله: حجتهم داحضة عند ربهم [الشورى: 16]، أما قريش تقول: رجع إلى الكعبة; لأنه علم أنها الحق، وأنها قبلة آبائه، فهكذا يرجع إلى ديننا، وأما اليهود تقول: لم ينصرف عن بيت المقدس مع علمه أنه حق إلا أنه يعمل برأيه.
فلا تخشوهم في توجهكم إلى الكعبة، وتظاهرهم عليكم; فإني وليكم بالحجة والنصرة.
واخشوني بامتثال أمري; ثم عطف على قوله لئلا قوله:
ولأتم نعمتي عليكم بهدايتي إياكم إلى الكعبة وغيرها، ومن تمام النعمة الموت على الإسلام. ثم عطف على ما تقدم قوله:
ولعلكم تهتدون من الضلالة، ولعل وعسى من الله واجبان; لأنهما للرجاء والإطماع، والكريم لا يطمع إلا فيما يفعل.