قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا .
فيه تسع مسائل :
الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=28996_32287قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وما أرسلنا قبلك من المرسلين نزلت جوابا للمشركين حيث قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق . وقال
ابن عباس : لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة وقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7ما لهذا الرسول يأكل الطعام الآية حزن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فنزلت تعزية له ; فقال
جبريل عليه السلام : السلام عليك يا رسول الله ! الله
[ ص: 14 ] ربك يقرئك السلام ويقول لك :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق أي يبتغون المعايش في الدنيا .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20إلا إنهم ليأكلون الطعام إذا دخلت اللام لم يكن في ( إن ) إلا الكسر ، ولو لم تكن اللام ما جاز أيضا إلا الكسر ; لأنها مستأنفة . هذا قول جميع النحويين . قال
النحاس : إلا إن
علي بن سليمان حكى لنا عن
محمد بن يزيد قال : يجوز في ( إن ) هذه الفتح وإن كان بعدها اللام ; وأحسبه وهما منه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج : وفي الكلام حذف ; والمعنى : وما أرسلنا قبلك رسلا إلا إنهم ليأكلون الطعام ، ثم حذف " رسلا " لأن في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20من المرسلين ما يدل عليه . فالموصوف محذوف عند
الزجاج . ولا يجوز عنده حذف الموصول وتبقية الصلة كما قال
الفراء . قال
الفراء : والمحذوف " من " والمعنى : إلا من إنهم ليأكلون الطعام . وشبهه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=164وما منا إلا له مقام معلوم ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها أي ما منكم إلا من هو واردها . وهذا قول
الكسائي أيضا . وتقول العرب : ما بعثت إليك من الناس إلا من إنه ليطيعك . فقولك : إنه ليطيعك صلة " من " . قال
الزجاج : هذا خطأ ; لأن " من " موصولة فلا يجوز حذفها . وقال أهل المعاني : المعنى : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قيل إنهم ليأكلون ، دليله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=43ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك . وقال ابن الأنباري : كسرت " إنهم " بعد إلا للاستئناف بإضمار واو . أي إلا وإنهم . وذهبت فرقة إلى أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20ليأكلون الطعام كناية عن الحدث .
قلت : وهذا بليغ في معناه ، ومثله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20ويمشون في الأسواق قرأ الجمهور يمشون بفتح الياء وسكون الميم وتخفيف الشين . وقرأ
علي وابن عوف nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود بضم الياء وفتح الميم وشد الشين المفتوحة ، بمعنى يدعون إلى المشي ويحملون عليه . وقرأ
أبو عبد الرحمن السلمي بضم الياء وفتح الميم وضم الشين المشددة ، وهي بمعنى يمشون ; قال الشاعر :
ومشى بأعطان المباءة وابتغى قلائص منها صعبة وركوب
[ ص: 15 ] وقال
كعب بن زهير :
منه تظل سباع الجو ضامزة ولا تمشي بواديه الأراجيل
بمعنى تمشي .
الثالثة : هذه الآية أصل في
nindex.php?page=treesubj&link=29545_24476_19651تناول الأسباب وطلب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك . وقد مضى هذا المعنى في غير موضع ، لكنا نذكر هنا من ذلك ما يكفي فنقول : قال لي بعض مشايخ هذا الزمان في كلام جريء : إن الأنبياء عليهم السلام إنما بعثوا ليسنوا الأسباب للضعفاء ; فقلت مجيبا له : هذا قول لا يصدر إلا من الجهال والأغبياء والرعاع السفهاء ، أو من طاعن في الكتاب والسنة العلياء ; وقد أخبر الله تعالى في كتابه عن أصفيائه ورسله وأنبيائه بالأسباب والاحتراف فقال وقوله الحق :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=80وعلمناه صنعة لبوس لكم . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق قال العلماء : أي يتجرون ويحترفون . وقال عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832157جعل رزقي تحت ظل رمحي وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=69فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا وكان الصحابة رضي الله عنهم يتجرون ويحترفون وفي أموالهم يعملون ، ومن خالفهم من الكفار يقاتلون ; أتراهم ضعفاء ! بل هم كانوا والله الأقوياء ، وبهم الخلف الصالح اقتدى ، وطريقهم فيه الهدى والاهتداء . قال : إنما تناولوها لأنهم أئمة الاقتداء ، فتناولوها مباشرة في حق الضعفاء ، فأما في حق أنفسهم فلا ; وبيان ذلك أصحاب الصفة .
قلت : لو كان ذلك لوجب عليهم وعلى الرسول معهم البيان ; كما ثبت في القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=159إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى الآية . وهذا من البينات والهدى . وأما أصحاب الصفة فإنهم كانوا ضيف
[ ص: 16 ] الإسلام عند ضيق الحال ، فكان عليه السلام إذا أتته صدقة خصهم بها ، وإذا أتته هدية أكلها معهم ، وكانوا مع هذا يحتطبون ويسوقون الماء إلى أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم . كذا وصفهم
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره . ثم لما افتتح الله عليهم البلاد ومهد لهم المهاد تأمروا . وبالأسباب أمروا . ثم إن هذا القول يدل على ضعف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ; لأنهم أيدوا بالملائكة وثبتوا بهم ، فلو كانوا أقوياء ما احتاجوا إلى تأييد الملائكة ، وتأييدهم إذ ذلك سبب من أسباب النصر ; نعوذ بالله من قول وإطلاق يئول إلى هذا ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=19651القول بالأسباب والوسائط سنة الله وسنة رسوله ، وهو الحق المبين ، والطريق المستقيم الذي انعقد عليه إجماع المسلمين ; وإلا كان يكون قوله الحق :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل - الآية - مقصورا على الضعفاء ، وجميع الخطابات كذلك . وفي التنزيل حيث خاطب
موسى الكليم
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63اضرب بعصاك البحر وقد كان قادرا على فلق البحر دون ضرب عصا . وكذلك
مريم عليها السلام
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=25وهزي إليك بجذع النخلة وقد كان قادرا على سقوط الرطب دون هز ولا تعب ; ومع هذا كله فلا ننكر أن يكون رجل يلطف به ويعان ، أو تجاب دعوته ، أو يكرم بكرامة في خاصة نفسه أو لأجل غيره ، ولا تهد لذلك القواعد الكلية والأمور الجملية . هيهات هيهات ! لا يقال : فقد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وفي السماء رزقكم وما توعدون فإنا نقول : صدق الله العظيم ، وصدق رسوله الكريم ، وإن الرزق هنا المطر بإجماع أهل التأويل ; بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13وينزل لكم من السماء رزقا وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=9ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ولم يشاهد ينزل من السماء على الخلق أطباق الخبز ولا جفان اللحم ، بل الأسباب أصل في وجود ذلك ، ومعنى قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832158اطلبوا الرزق في خبايا الأرض أي بالحرث والحفر والغرس . وقد يسمى الشيء بما يئول إليه ، وسمي المطر رزقا لأنه عنه يكون الرزق ، وذلك مشهور في كلام العرب . وقال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832159لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره [ ص: 17 ] خير له من أن يسأل أحدا أعطاه أو منعه وهذا فيما خرج من غير تعب من الحشيش والحطب . ولو قدر رجل بالجبال منقطعا عن الناس لما كان له بد من الخروج إلى ما تخرجه الآكام وظهور الأعلام حتى يتناول من ذلك ما يعيش به ; وهو معنى قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832160لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا فغدوها ورواحها سبب ; فالعجب العجب ممن يدعي التجريد والتوكل على التحقيق ، ويقعد على ثنيات الطريق ، ويدع الطريق المستقيم ، والمنهج الواضح القويم . ثبت في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
ابن عباس قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون ، فإذا قدموا سألوا الناس ; فأنزل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وتزودوا . ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أنهم خرجوا إلى أسفارهم بغير زاد ، وكانوا المتوكلين حقا .
nindex.php?page=treesubj&link=19648والتوكل اعتماد القلب على الرب في أن يلم شعثه ويجمع عليه أربه ; ثم يتناول الأسباب بمجرد الأمر . وهذا هو الحق . سأل رجل
الإمام أحمد بن حنبل فقال : إني أريد الحج على قدم التوكل . فقال : اخرج وحدك ; فقال : لا ، إلا مع الناس . فقال له : أنت إذن متكل على أجربتهم . وقد أتينا على هذا في كتاب ( قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكسب والصناعة ) .
الرابعة : خرج
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832161nindex.php?page=treesubj&link=32756أحب البلاد إلى الله مساجدها nindex.php?page=treesubj&link=33554وأبغض البلاد إلى الله أسواقها . وخرج
البزار عن
سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832162لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته . أخرجه
أبو بكر البرقاني مسندا عن
أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ - من رواية
عاصم - عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي عن
سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500461لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان [ ص: 18 ] وفرخ . ففي هذه الأحاديث ما يدل على كراهة
nindex.php?page=treesubj&link=33554دخول الأسواق لا سيما في هذه الأزمان التي يخالط فيها الرجال النسوان . وهكذا قال علماؤنا لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المناكر : كره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدين تنزيها لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها . فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان ومحل جنوده ، وإنه إن أقام هناك هلك ، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته ، وتحرز من سوء عاقبته وبليته .
الخامسة : تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم السوق بالمعركة تشبيه حسن ; وذلك أن المعركة موضع القتال ، سمي بذلك لتعارك الأبطال فيه ، ومصارعة بعضهم بعضا . فشبه السوق وفعل الشيطان بها ونيله منهم مما يحملهم من المكر والخديعة ، والتساهل في البيوع الفاسدة والكذب والأيمان الكاذبة ، واختلاط الأصوات وغير ذلك - بمعركة الحرب ومن يصرع فيها .
السادسة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : أما أكل الطعام فضرورة الخلق لا عار ولا درك فيه ، وأما الأسواق فسمعت مشيخة أهل العلم يقولون : لا يدخل إلا سوق الكتب والسلاح ، وعندي أنه يدخل كل سوق للحاجة إليه ولا يأكل فيها ; لأن ذلك إسقاط للمروءة وهدم للحشمة ; ومن الأحاديث الموضوعة ( الأكل في السوق دناءة ) .
قلت : ما ذكرته مشيخة أهل العلم فنعما هو ; فإن ذلك خال عن النظر إلى النسوان ومخالطتهن ; إذ ليس ذلك من حاجتهن . وأما غيرهما من الأسواق ، فمشحونة منهن ، وقلة الحياء قد غلبت عليهن ، حتى ترى المرأة في القيساريات وغيرهن قاعدة متبرجة بزينتها ، وهذا من المنكر الفاشي في زماننا هذا . نعوذ بالله من سخطه .
السابعة : خرج
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا
حماد بن زيد قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن
سالم عن أبيه عن
عمر بن الخطاب قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832163nindex.php?page=treesubj&link=24449من دخل سوقا من هذه [ ص: 19 ] الأسواق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة وبنى له قصرا في الجنة ) خرجه
الترمذي أيضا وزاد بعد (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832164ومحا عنه ألف ألف سيئة ) : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832165ورفع له ألف ألف درجة وبنى له بيتا في الجنة ) . وقال : هذا حديث غريب . قال :
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهذا إذا لم يقصد في تلك البقعة سواه ليعمرها بالطاعة إذ عمرت بالمعصية ، وليحليها بالذكر إذ عطلت بالغفلة ، وليعلم الجهلة ويذكر الناسين .
الثامنة :
nindex.php?page=treesubj&link=28996_32287قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون أي إن الدنيا دار بلاء وامتحان ، فأراد سبحانه أن يجعل بعض العبيد فتنة لبعض على العموم في جميع الناس مؤمن وكافر ، فالصحيح فتنة للمريض ، والغني فتنة للفقير ، والفقير الصابر فتنة للغني . ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه ، فالغني ممتحن بالفقير ، عليه أن يواسيه ولا يسخر منه . والفقير ممتحن بالغني ، عليه ألا يحسده ولا يأخذ منه إلا ما أعطاه ، وأن يصبر كل واحد منهما على الحق ; كما قال
الضحاك في معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20أتصبرون : أي على الحق . وأصحاب البلايا يقولون : لم لم نعاف ؟ والأعمى يقول : لم لم أجعل كالبصير ؟ وهكذا صاحب كل آفة . والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره . وكذلك العلماء وحكام العدل . ألا ترى إلى قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم . فالفتنة أن يحسد المبتلى المعافى ، ويحقر المعافى المبتلى . والصبر : أن يحبس كلاهما نفسه ، هذا عن البطر ، وذاك عن الضجر .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20أتصبرون محذوف الجواب ، يعني : أم لا تصبرون . فيقتضي جوابا كما قال
المزني ، وقد أخرجته الفاقة فرأى خصيا في مراكب ومناكب ، فخطر بباله شيء فسمع من يقرأ الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20أتصبرون فقال : بلى ربنا ! نصبر ونحتسب . وقد تلا
ابن القاسم صاحب
مالك هذه الآية حين رأى
أشهب بن عبد العزيز في مملكته عابرا عليه ، ثم أجاب نفسه بقوله : سنصبر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
ويل للعالم من الجاهل وويل للجاهل من العالم ، وويل للمالك من المملوك وويل للمملوك من المالك ، وويل للشديد من الضعيف وويل للضعيف من الشديد ، وويل للسلطان من الرعية وويل للرعية من السلطان ، وبعضهم لبعض فتنة وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون أسنده
الثعلبي تغمده
[ ص: 20 ] الله برحمته . وقال
مقاتل : نزلت في
أبي جهل بن هشام والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل ،
وعقبة بن أبي معيط وعتبة بن ربيعة والنضر بن الحارث حين رأوا
أبا ذر nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ،
وعمارا وبلالا وصهيبا وعامر بن فهيرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=267وسالما مولى أبي حذيفة ومهجعا مولى عمر بن الخطاب وجبرا مولى الحضرمي ، وذويهم ; فقالوا على سبيل الاستهزاء : أنسلم فنكون مثل هؤلاء ؟ فأنزل الله تعالى يخاطب هؤلاء المؤمنين :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20أتصبرون على ما ترون من هذه الحال الشديدة والفقر ; فالتوقيف ب
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20أتصبرون خاص للمؤمنين المحقين من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم . كأنه جعل إمهال الكفار والتوسعة عليهم فتنة للمؤمنين ، أي اختبارا لهم . ولما صبر المسلمون أنزل الله فيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=111إني جزيتهم اليوم بما صبروا . التاسعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وكان ربك بصيرا أي بكل امرئ وبمن يصبر أو يجزع ، ومن يؤمن ومن لا يؤمن ، وبمن أدى ما عليه من الحق ومن لا يؤدي . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20أتصبرون أي اصبروا . مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91فهل أنتم منتهون أي انتهوا ، فهو أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالصبر .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا .