ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
[4] ولما قال الكفار: إن لمحمد قلبين: قلب معنا، وقلب مع أصحابه، نزل: [ ص: 338 ]
ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وقيل: نزلت في أبي معمر جميل بن معمر الفهري، وكان لبيبا حافظا، وكان يقول: إن لي قلبين، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد - صلى الله عليه وسلم -، فانهزم مع المشركين ببدر، وإحدى نعليه بيده، والأخرى في رجله، فقيل له في ذلك، فقال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان، ما نسي نعله في يده .
وما جعل أزواجكم اللائي جمع التي. قرأ ، أبو عمرو عن والبزي : (اللاي) بياء ساكنة بدلا من الهمزة في الحالين، وروي عنهما تسهيل الهمزة بين بين، والوجهان صحيحان، وقرأ ابن كثير ، أبو جعفر عن وورش : بتسهيل الهمزة كذلك، وقرأ نافع عن قالون ، نافع عن وقنبل ، ابن كثير : بتحقيق الهمزة، وحذف الياء بعدها; لأن الهمزة المكسورة بدل الياء، وقرأ الكوفيون، ويعقوب : بإثبات الياء ساكنة بعد الهمزة، وكلها لغات معروفة ، وكذلك التعليل والاختلاف في (المجادلة)، وموضعي (الطلاق). وابن عامر
تظاهرون منهن أمهاتكم قرأ : (تظاهرون) بضم التاء وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وكسر الهاء مع تخفيفها; كـ (تقاتلون)، وقرأ عاصم ، حمزة ، والكسائي : كذلك، إلا أنهم بفتح الياء والهاء، أصله: [ ص: 339 ] وخلف
تتظاهرون، حذفت إحدى التاءين، وقرأ : كذلك، إلا أنه بتشديد الظاء على إدغام إحدى التاءين في الظاء، وقرأ الباقون، وهم: ابن عامر ، نافع ، وأبو جعفر ، وابن كثير ، وأبو عمرو : (تظهرون) بفتح التاء وتشديد الظاء والهاء وفتحها من غير ألف بينهما، أصله: تتظهرون، وأدغمت التاء في الظاء، فشددت . ويعقوب
وصورة الظهار: أن أي: حرام كبطن أمي; لقربه من الفرج، وكني عنه بالظهر، لأنه قوام البنية، المعنى: ما جعل نساءكم اللاتي تقولون لهم هذا في التحريم كأمهاتكم، ولكنه منكر وزور، وفيه كفارة، وسيأتي الكلام على ذلك، وعلى الكفارة فيه، واختلاف الأئمة في حكمه في (سورة المجادلة) إن شاء الله تعالى. يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي;
وكان الرجل في الجاهلية يتبنى ولد غيره، فينسب إليه، ويتوارثان، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعتق وتبناه قبل الوحي، وآخى بينه وبين زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، فلما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش، وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب، قال المنافقون: تزوج زيد بن حارثة، محمد امرأة ابنه، وهو ينهى الناس عن ذلك.
فأنزل الله تعالى: وما جعل أدعياءكم من تبنيتموه أبناءكم حقيقة [ ص: 340 ] في الحكم والحرمة والنسب، ونسخ التبني بهذا، والأدعياء: جمع دعي، وهو من دعي إلى غير أبيه، تلخيصه: ممتنع أن يكون لرجل قلبان، وأن تكون زوجة الرجل أمه، وأن يكون شخص واحد ابن رجلين، إنما.
ذلكم النسب قولكم بأفواهكم لا حقيقة له.
والله يقول الحق وهو أن غير الابن لا يكون ابنا.
وهو يهدي السبيل الطريق المستقيم.
* * *