[ ص: 358 ] سورة الحجرات
مدنية بإجماع من أهل التأويل، وآيها: ثمان عشرة آية، وحروفها: ألف وأربع مئة وستة وسبعون حرفا، وكلمها: ثلاث مئة وثلاث وأربعون كلمة، وهذا أول المفصل على الراجح من مذهب وبعض الأقوال المعتمدة عند الشافعي، وعنه قول آخر معتمد: أن أوله (ق). أبي حنيفة،
قال -صلى الله عليه وسلم-: وتقدم في أول التفسير أن المفصل من القرآن هو ما بعد الحواميم وقصار السور إلى آخر القرآن، وسميت مفصلا; لكثرة الفصولات فيها بسطر بسم الله الرحمن الرحيم; لأنها سور قصار يقرب تفصيل كل سورة من الأخرى، فكثر التفصيل فيها، والله أعلم. "فضلني ربي بالمفصل"
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم . [ ص: 359 ]
[1] يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله قرأ (تقدموا) بفتح التاء والدال; من التقدم; أي: لا تتقدموا، على حذف إحدى التاءين، وقرأ الباقون: بضم التاء وكسر الدال; من التقديم; أي: لا تعجلوا بالأمر والنهي دونه، المعنى: لا تفعلوا ولا تقولوا شيئا حتى يحكما به، ويأذنا فيه، ولا تفتاتوا عليهما، وقد كانت عادة العرب الاشتراك في الآراء، وأن يتكلم كل بما شاء، ويفعل ما أحب، فمشى بعض الناس مع النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض ذلك، فربما قال قوم: لو نزل كذا وكذا في معنى كذا، ولو فعل الله كذا، أو ينبغي أن يكون كذا، وأيضا فإن قوما ذبحوا ضحاياهم قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقوما فعلوا في بعض خروجه وغزواته أشياء بآرائهم، فنزلت هذه الآية ناهية عن جميع ذلك، وتحقيق معنى الآية الأمر بتعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوقيره، وخفض الصوت بحضرته، وقد كره بعض العلماء يعقوب: وكره بعضهم رفع الصوت في مجالس الفقهاء; تشريفا لهم; إذ أنهم ورثة الأنبياء. رفع الصوت عند قبره -صلى الله عليه وسلم-
واتقوا الله في مخالفة أمره إن الله سميع لأقوالكم عليم بأحوالكم.
* * *