والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون .
[9] والذين تبوءوا استوطنوا الدار المدينة، وهم الأنصار والإيمان أي: وأخلصوا الإيمان من قبلهم من قبل قدوم المهاجرين [ ص: 13 ] عليهم؛ فإنهم آمنوا، وبنوا المساجد قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين المدينة بسنتين.
يحبون من هاجر إليهم من المؤمنين ولا يجدون في صدورهم لقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - أموال بني النضير للمهاجرين دون الأنصار حاجة حزازة وحسدا مما أوتوا أي: مما أعطي المهاجرون دونهم من الفيء.
ويؤثرون إخوانهم من المهاجرين بأموالهم ومنازلهم.
على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فقر إلى ما يؤثرون به.
ومن يوق شح نفسه وشح النفس: هو كثرة الطمع وضبطها على المال والرغبة فيه، وامتداد الأمل، وهو فقر لا يذهبه غنى المال، بل يزيده، وهو داعية كل خلق سوء فأولئك هم المفلحون الفائزون بالثناء والثواب.
عن -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أبي هريرة "لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا".
وقال - صلى الله عليه وسلم: "من أدى الزكاة المفروضة، وقرى الضيف، وأعطى في النائبة، فقد برئ من الشح".
والشح: هو أقبح البخل. [ ص: 14 ]