[ ص: 98 ] واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا .
[15] ثم خاطب الحكام فقال: واللاتي مبتدأ.
يأتين الفاحشة أي: الزنا.
من نسائكم وخبر اللاتي:
فاستشهدوا عليهن أربعة منكم من المسلمين، وفيه بيان أن بالاتفاق، فيسألهم الحاكم عن ماهيته، وكيفيته، ومكانه، وزمانه، والمزني بها، فإن بينوه وقالوا: رأيناه وطئها كالميل في المكحلة، وعدلوا سرا وجهرا، حكم به بالاتفاق، ويشترط عند الزنا لا يثبت إلا بأربعة من الشهود، أبي حنيفة حضورهم للشهادة مجتمعين غير مفترقين، فإن افترقوا في الشهادة، كانوا قذفة. ومالك
قال إلا أن يكون في مجلس واحد في ساعة واحدة. وعند أبو حنيفة: تصح شهادتهم متفرقين; كما في سائر الحقوق; لإطلاق الآية. الشافعي:
وعند يشترط مجيئهم في مجلس واحد، سواء جاؤوا متفرقين، أو مجتمعين، فإن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم، أو شهد ثلاثة وامتنع الرابع، أو لم يكملها، فهم قذفة، وعليهم الحد. أحمد:
فإن شهدوا عليهن بالزنا. [ ص: 99 ]
فأمسكوهن أي: احبسوهن.
في البيوت حتى يتوفاهن الموت أي: ملائكة الموت.
أو يجعل الله لهن سبيلا طريقا في النكاح المغني عن السفاح، ثم نسخ ذلك بنزول الحد، وهو في حق البكر جلد مئة، وفي حق الثيب الجلد، والرجم، ثم نسخ الجلد، وبقي الرجم، واختلف الأئمة في تغريب البكر الحر بعد الجلد، فقال لا يغرب إلا أن يرى الإمام ذلك مصلحة، فيغربه على قدر ما يرى، وقال أبو حنيفة: يغرب الرجل دون المرأة وتغريبه أن ينفى سنة إلى غير بلده، فيحبس فيه، وقال مالك: الشافعي يجمع في حق الزانيين البكرين بين الجلد والتغريب سنة إلى مسافة قصر، وتغرب المرأة مع محرم، فإن امتنع، لم يجبر. وأحمد:
وأما فعند ثبوت الزنا بالإقرار، أبي حنيفة لا يثبت حتى يقر أربع مرات، وأحمد يشترط أن يكون الإقرار في أربعة مجالس، فأبو حنيفة لا يشترط المجالس، فلو أقر أربعا في مجلس واحد، أو مجالس، ثبت عليه، وعند وأحمد مالك يثبت بإقراره مرة واحدة، وإذا أقر بالزنا ثم رجع عنه، قبل رجوعه، وسقط الحد عند الثلاثة، وقال والشافعي إن رجع بشبهة يعذر بها; كقوله: وطئت في نكاح فاسد ونحوه، قبل وسقط عنه الحد، وإن لم يرجع إلى شبهة، فعنه روايتان. مالك:
واختلفوا في اللوطي، فقال أبو حنيفة: يعزر، ولا حد عليه، خلافا لصاحبيه، وقال يجب على الفاعل والمفعول به الرجم، أحصنا أو لم يحصنا، وعند مالك: الشافعي حكمه حكم الزاني على ما تقدم. وأحمد: