وبالجملة: وذلك لأنه يتوقف عليه الإخبات لرب العالمين الذي هو أعظم الأخلاق الكاسبة للسعادة، وهو أصل التدبير العلمي الذي هو أفيد التدبيرين، وبه يحصل للإنسان التوجه التام تلقاء الغيب، ويستعد نفسه للحقوق به بالوجه المقدس. فأصل أصول البر، وعمدة أنواعه: التوحيد،
وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على عظم أمره، وكونه من أنواع البر بمنزلة القلب، إذا صلح صلح الجميع، وإذا فسد فسد الجميع، حيث أطلق القول فيمن مات لا يشرك بالله أنه دخل الجنة، أو حرمه الله على النار، أو لا يحجب من الجنة، ونحو ذلك من العبارات.
وحكي عن ربه -تبارك وتعالى-: «من لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بالله شيئا، لقيته بمثلها مغفرة».
وما أحق عدم الإشراك بالله -ولو كانت معه ذنوب، وخطايا؛ صغائر، أو كبائر- بأن يدخل صاحبه الذي يعتقد التوحيدين اللذين سبق بيانهما الجنة، ولا يحرم منها؛ فإن التوحيد رأس الطاعات، وليس وراء عبادته قربة، كما أن الشرك- جليا، كان أو خفيا، وإن كانت معه عبادة كثيرة- لا ينفع صاحبه، ولا يغني عنه شيئا كما نطق بهذا القرآن، وليس وراء بيان الله بيان.