ما كان شرك المشركين في خالق الجواهر
ولم يكن المشركون يشركون أحدا في خلق الجواهر، وتدبير الأمور العظام، ولا يثبتون لأحد قدرة على الممانعة إذا أبرم الله -سبحانه وتعالى- أمرا.
وإنما كان إشراكهم في الأمور الخاصة ببعض العباد.
وكانوا يظنون أن الملك على الإطلاق -جل مجده- شرف بعض العباد بخلعة الألوهية، ويؤثر رضاهم وسخطهم في سائر العباد.
كما أن ملكا من الملوك عظيم القدر يرسل عبيده المخصوصين إلى نواحي الملك، ويجعلهم متصرفين في الأمور الجزئية إلى أن يصدر عن الملك حكم صريح.
فلا يتوجه إلى تدبير الأمور الجزئية، ويفوض إليهم أمور سائر العباد، ويقبل شفاعتهم في باب من يخدمهم، ويتوسل بهم.
فيقولون بوجوب التقرب بعباد الله سبحانه المخصوصين المذكورين ليتيسر لهم قبول الملك المطلق، وتقيل شفاعتهم للمتقربين بهم في مجاري الأمور.
وكانوا يجوزون -بملاحظة هذه الأمور- أن يسجد لهم، ويذبح لهم، ويحلف بهم، ويستعان بهم في الأمور الضرورية بقدرة: «كن فيكون».
وكانوا ينحتون من الحجر، والصخر، وغير ذلك صورا يتخذونها قبلة للتوجه إلى تلك الأرواح حتى يعتقد الجهال شيئا فشيئا تلك الصور معبودة بذواتها، فيتطرق بذلك خلط عظيم. [ ص: 80 ]