وبالجملة: فقد رد الله -سبحانه وتعالى- هذا المذهب الباطل، وهو أن مريم الصديقة، وأيده الله سبحانه بروح القدس، ونظر إليه بالعناية الخاصة المرعية في حقه. عيسى عبد الله، وروحه المقدس، نفخ في رحم
ولو ظهر الله -سبحانه وتعالى- في الكسوة الروحية التي هي من جنس سائر الأرواح، وتدرع بالبشرية لا ينطبق لفظ «الاتحاد» على هذا المعنى عند التعمق، والإمعان إلا بتسامح. [ ص: 90 ]
وأقرب الألفاظ لهذا المعنى التقويم، ومثله، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
نموذج من الخصال النصرانية التي تسربت إلى هذه الأمة
وإن شئت أن ترى أنموذجا لهذا الفريق، فانظر اليوم إلى أولاد المشايخ الأولياء ماذا يظنون بآبائهم، فتجدهم قد أفرطوا في إجلالهم كل الإفراط.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون [الشعراء: 227].
وأيضا من ضلالة أولئك أنهم يجزمون أنه قد قتل عيسى -عليه السلام- وفي الواقع اشتباه في قصته، فلما رفع إلى السماء، ظنوا أنه قد قتل، ويروون هذا الغلط كابرا عن كابر.
وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم [النساء: 157]. فأزال الله تعالى هذه الشبهة في القرآن العظيم:
وما ذكر في الإنجيل من مقتولية عيسى، فمعناه إخبار بجرأة اليهود، وإقدامهم على قتله، وإن كان الله -سبحانه وتعالى- ينجيه من هذه المهلكة.
وأما مقولة الحواريين، فمنشؤها وقوع اشتباه، وعدم اطلاع على حقيقة الرفع الذي لا تألفه الأذهان، والأسماع.