وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة ، فالواحد منهم باشر القتل بنفسه ، والباقون له أعوان وردء له  ، فقد قيل : إنه يقتل المباشر فقط ، والجمهور على أن الجميع يقتلون ، ولو كانوا مائة وأن الردء والمباشر سواء ، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين . 
فإن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين . والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال ، ينظر  [ ص: 107 ] منه لهم من يجيء ولأن المباشر إنما يمكن من قتله بقوة الردء ومعونته ، والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قاعدتهم   } . 
يعني أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالا ، فإن الجيش يشاركها فيما غنمت لأنها بظهره وقوته تمكنت لكن تنفل عنه نفلا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس ، وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية ; لأنها في مصلحة الجيش ، كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم  لطلحة   والزبير  يوم بدر    ; لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش ، فأعوان الطائفة المتمتعة ، وأنصارها منها ، فيما لهم وعليهم - وهكذا المقتتلون على باطل - لا تأويل فيه ، مثل المقتتلين على عصبية ، ودعوى جاهلية كقيس  ويمن  ونحوهما ، هما ظالمتان . 
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل  [ ص: 108 ] والمقتول في النار ، قيل : يا رسول الله : هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنه أراد قتل صاحبه   } أخرجاه في الصحيحين . 
وتضمن كل طائفة ما أتلفته الأخرى من نفس ومال ، وإن لم يعرف عين القاتل ; لأن الطائفة الواحدة المتمنع بعضها ببعض كالشخص الواحد . 
				
						
						
