[ ص: 211 ] الفصل السادس الأحوال
وأما ، مثل قسم المواريث بين الورثة ، على ما جاء به الكتاب والسنة . الأحوال فيجب الحكم بين الناس فيها بالعدل كما أمر الله ورسوله
وقد تنازع المسلمون في مسائل من ذلك ، وكذلك في المعاملات من المبايعات والإجارات والوكالات والمشاركات والهبات والوقوف والوصايا ونحو ذلك من المعاملات المتعلقة بالعقود والقبوض ، فإن العدل فيها هو قوام العالمين ، لا تصلح الدنيا والآخرة إلا به .
فمن العدل فيها ما هو ظاهر ، يعرفه كل أحد بعقله ، كوجوب تسليم الثمن على المشتري ، وتسليم المبيع على البائع للمشتري ، وتحريم تطفيف المكيال والميزان ، ووجوب الصدق والبيان ، وتحريم الكذب والخيانة والغش ، وأن جزاء القرض الوفاء والحمد .
ومنه ما هو خفي ، جاءت به الشرائع أو شريعتنا - أهل الإسلام - فإن عامة ما نهى عنه الكتاب والسنة من المعاملات ، يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم دقه وجله : مثل أكل المال بالباطل وجنسه من الربا والميسر ، وأنواع الربا والميسر التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم مثل : بيع الغرر ، وبيع حبل الحبلة ، وبيع الطير في الهواء ، والسمك في [ ص: 212 ] الماء ، والبيع إلى أجل غير مسمى ، وبيع المصراة ، وبيع المدلس ، والملامسة ، والمنابذة ، والمزابنة والمحاقلة والنجش .
وبيع الثمر قبل بدو صلاحه ، وما نهي عنه من أنواع المشاركات الفاسدة ، كالمخابرة ، بزرع بقعة بعينها من الأرض .
ومن ذلك ما قد ينازع فيه المسلمون لخفائه واشتباهه ، فقد يرى هذا العقد والقبض صحيحا عدلا ، وإن كان غيره يرى فيه جورا يوجب فساده ، وقد قال الله تعالى : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } .
والأصل في هذا ، أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها ، إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه ، كما لا يشرع لهم من العبادات التي يتقربون بها إلى الله ، إلا ما دل الكتاب والسنة على شرعه ، إذ الدين ما شرعه الله ، والحرام ما حرمه الله ، بخلاف الذين ذمهم الله ، حيث حرموا من دون الله ما لم يحرمه الله ، وأشركوا بما ما لم ينزل به سلطانا ، وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ، اللهم وفقنا لأن نجعل الحلال ما حللته ، والحرام ما حرمته ، والدين ما شرعته .