فصل [في الجمع بين الأختين بملك اليمين]
ولا بأس أن يجمع بين الأختين في ملك اليمين من غير وطء، وأن يطأ إحداهما، والأخرى في ملكه، ويؤتمن على ألا يصيب الأخرى، فإن وطئ إحداهما لم يطأ الثانية، إلا أن يحرم الأولى.
فإن فعل فوطئ قبل أن يحرم الأولى، وقف عنهما حتى يحرم إحداهما، فإن حرم الثانية، بقي على وطء الأولى، وإن حرم الأولى، لم يصب الثانية إلا أن يستبرئها، وإن عاود الأولى قبل أن يحرم الثانية، وقف عنهما، وأيتهما حرم، لم يصب الباقية إلا بعد الاستبراء.
والتحليل يكون من وجوه: بالبيع الصحيح، والخروج من الاستبراء، ولا يصيب التي لم يبع قبل استبراء المبيعة، لإمكان أن تكون حاملا فينقض فيها البيع، وتكون أم ولد.
وتحرم بالبيع الفاسد إذا خرجت من الاستبراء ثم فاتت بعد ذلك بحوالة الأسواق فما فوق، فإن لم تخرج من الاستبراء أو خرجت ولم تفت، لم تحرم.
وقال في البيع الصحيح إذا كان بها عيب: هو تحريم. قال: لأن رد البيع [ ص: 2086 ] ليس إلى المشتري إن شاء تمسك به. وفي "كتاب محمد". ليس بتحريم.
ثم قال وإن باعها، أو وهبها لولده الصغير، أو ليتيمه، أو لعبده، فليس بتحريم؛ لأن له أن يملك وطأها متى أراد. وهذا حماية، ولا شيء عليه فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأن الملك الآن لغيره، فلم يجمع بينهما ملك. ابن القاسم:
قال: وإن ظاهر منها لم يكن تحريما؛ لأن تحليل ذلك بالكفارة إليه.
ويختلف إذا قال: إن أصبتها فهي حرة؛ قال ليس بتحريم. لأن أول إصابته إياها حلال، وهو الذي يوجب عليه الحنث. وعلى القول أنها حرمت عليه، يكون قوله ذلك تحريما يبيح أختها. ابن الماجشون:
قال: ولو أصابها في عدة من طلاق، كان تحريما؛ لأنها حرمت عليه للأبد، قال: وإن أخدمها رجلا شهرا، أو سنة، أو نحوها، لم يكن تحريما. وما طال من السنين، أو كان عمر المخدم فهو تحريم.
وليس الإباق تحريما إلا أن ييأس منها. والعتق إلى أجل تحريم وإن لم تستبرأ؛ لأنها إن ظهر بها حمل عجل عتقها ولم تحل له الآن ولا بعد. وعتق [ ص: 2087 ] بعضها تحريم وإن لم تستبرأ، وليس الكتابة تحريما؛ لأنه إن ظهر بها حمل وعجزت نفسها كانت له حلالا.
وقال فيمن ابن القاسم له أن يطأ أيهما أحب. كانت عنده أختان، فأصابهما ثم باع إحداهما، ثم اشتراها قبل أن يطأ الباقية عنده:
وهذا يحسن إذا فعل ذلك وكان وطؤه إياهما جهلا، وأما إن فعل ذلك وهو عالم، لم يجز له أن يصيب واحدة منهما حتى يخرج الأخرى من ملكه؛ لأنه يتهم أن يعود إلى فعل ذلك.
وقد قال في "كتاب المدنيين" فيمن ابن القاسم تباع عليه إذا كان عامدا، وإن كان جاهلا يظن أن ذلك يجوز له، ولا يتهم لمكان حاله أن يعود لمثل ذلك، لم تبع عليه. وطئ أخته من الرضاعة بملك اليمين:
ولا يقع التحريم بالظهار. وإن كانت إحدى الأختين زوجة، وهي حرة أو أمة، لم يصب أختها إلا أن تحرم الزوجة بطلاق بائن أو رجعي وتنقضي العدة،
ويختلف إذا قال: إن وطئتها فهي طالق. واختلف إذا فعل وتزوج. وإن كانت عنده أخت بملك اليمين لم يتزوج أختها حتى يحرم الأخرى.
فقال مرة: النكاح جائز وهو بالخيار. [ ص: 2088 ] ابن القاسم