باب في أو تزوجت على أن لا صداق، وهل الفرق بينهما فسخ أم طلاق، وهل على الزوج نفقة إذا وقع الفراق بعد الدخول، وهل العدة ثلاث حيض أم حيضة؟ الصداق بين النصرانيين أو المشركين، إذا أسلما أو أحدهما والصداق خمر،
وإذا تركا على نكاحهما، ولا شيء لها. تزوج نصراني نصرانية على خمر ثم أسلما بعد الدخول وبعد أن قبضت الخمر؛
واختلف في موضعين:
أحدهما: إذا أسلما قبل البناء وقد قبضت الخمر أو لم تقبض.
والثاني: إذا أسلما بعد الدخول ولم تقبض.
واختلف إذا أسلما قبل البناء على أربعة أقوال: فقال يخير الزوج بين أن يدفع صداق مثلها، أو يفرق بينهما بطلقة، ولا شيء لها، وسواء قبضت الخمر أو لم تقبض. ابن القاسم:
وقال غيره: إن كانت قبضت الخمر دخل بها، ولا شيء لها عليه؛ لأنها قبضتها في حال هي لها ملك. [ ص: 2101 ]
وقال في "كتاب محمد": يعطيها ربع دينار، ويدخل وإن لم تكن قبضت الخمر، وإن لم يعطها ربع دينار، فسخ. أشهب
وقال محمد بن عبد الحكم: القياس أن لها قيمة الخمر بمنزلة من تزوج بثمر لم يبد صلاحها، فلم يجذ حتى أزمت أن النكاح لا يفسخ، ولها قيمة ذلك.
وهو أحسن فإن كانت قيمة الخمر عشرين، وصداق مثلها عشرة، لم يلزمها قبول عشرة؛ لأنها دون ما رضيت به، وإن كان صداق مثلها ثلاثين لم يلزمه ثلاثون؛ لأنها فوق ما رضيت به، وإنما ينبغي أن يجري على حكم الاستحقاق، ولا يلزمها ما قال أن لا شيء لها إذا دفع ربع دينار؛ لأنها بمنزلة ما لو أشهب فليس عليه أن يسلم السلعة بغير عوض. باع سلعة بخمر، فأسلما قبل أن يقبض الخمر وقبل أن تقبض السلعة،
واختلف إذا دخل ولم تقبض الخمر فقال لها صداق مثلها. وقال ابن القاسم: محمد: لا شيء عليه. وعلى قول محمد بن عبد الحكم يكون لها قيمة تلك الخمر.
وأما إن دفع الخمر فإن المعروف من المذهب أن له أن يقبض المبيع بغير ثمن ثان، بمنزلة من باع خمرا بثمن إلى أجل ثم أسلما، فإن له أن يقبض الثمن [ ص: 2102 ] إذا حل الأجل، وهذا هو المعروف من المذهب، وقاسه مرة على ثمن الربا إذا أسلما قبل قبض الثمن، أنه لا يأخذ الثمن؛ لقول الله -عز وجل-: اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا [البقرة: 278] ، وكذلك إذا دخل فإنه يغرم قيمة الخمر.
ويختلف فقول إذا تزوج على أن لا صداق، لها صداق المثل بعد البناء، ويخير الزوج قبل البناء بين أن يدفع صداق المثل أو يفارق لأنه قال: إذا تزوجت بخمر: هما بمنزلة من تزوج على غير تسمية فيعطيها صداق المثل. وإلا فرق بينهما. ابن القاسم:
وأرى ألا شيء لها إلا ربع دينار، لحق الله تعالى، وما بعد ذلك فهو حق لها يصح تركها له.
واختلف قول ابن القاسم فقال إذا أسلمت النصرانية قبل البناء وبعد أن قبضت الخمر ولم يسلم زوجها في "العتبية": ترد قيمة ما قبضت من الخمر، فاتت أو لم تفت، وتكسر الخمر عليها. ابن القاسم
وفي "كتاب ابن حبيب": لا شيء عليها لا نصف ولا غيره، قال: وإن أسلم هو قبل البناء، أو بعد، ولم تكن قبضت الخمر، أو تزوجت على أن لا صداق لها، فلها في الوجهين جميعا صداق المثل؛ لأنها ها هنا تبقى زوجة. [ ص: 2103 ]
وأرى إن أسلمت والخمر بيدها أن ترد الخمر إلى الزوج ولا تكسر عليها؛ لأن إسلامها يفسخ النكاح، ويسقط ملكها عن الصداق، وتعود ملكا للزوج، وترجع في عينه، وإن فاتت الخمر غرمت قيمتها؛ لأن إسلامها يوجب رد الصداق إذا كانت دنانير أو سلعة، وهذا قول مالك في "كتاب النكاح الثاني". وابن القاسم
وإذا كان من حقه أن يرد إليه إن كان عينا أو قيمته إن كان عرضا، كان من حقه أن ترد إليه قيمة الخمر؛ لأنها مال من ماله، وكذلك وأما إن إن كانت مجوسية فأسلمت قبل البناء، وبعد أن قبضت الخمر، فإن كانت قائمة انتزعها وكسرها، ولم يترك لها. أسلم الزوج قبل البناء وهي مجوسية، وكانت قبضت الخمر،
وإن فاتت لم يغرمها، إذ لا فائدة في ذلك إلا كسرها، بخلاف أن تسلم هي؛ لأنه يقول: آخذ ذلك فأنا أتملكه، فإذا لم يصح من المسلمة غرم مثلها غرمت القيمة.
وأما إذا أسلم، ولم تكن قبضت وهي نصرانية، فقيمة الخمر أحسن، وقيمتها إذا أسلم وحده أبين منه إذا أسلما؛ لأنها تقول: يجوز لي ملكها.
وإن كان لها ربع دينار. [ ص: 2104 ] تزوجت على أن لا صداق لها وأسلم الزوج وحده،