فصل [في أن الرضاع يلزم الأم]
فإن كانت ذات شرف لم يكن عليها إرضاعه: لأن العادة في مثلها ألا ترضع ولدها، وإنما يدخل في ذلك على العادة في مثلها أن الأب يتكلف ذلك بغيرها. فإن الرضاع يلزم الأم مع الزوجية إذا كان مثلها يرضع، الاستحسان ألا شيء؛ لأنها إذا رضيت بذلك صارت بمنزلة غيرها ممن ليس ذا شرف، والقياس أن ذلك لها؛ لأنها تقول: متضمن عقد نكاحي ألا رضاع علي وأني في ذلك كالأجنبية ومنعني من ذلك ضرر بولدي من غير منفعة للزوج؛ لأنها إن لم تعط لم ترضعه وأرضعه غيرها بأجر، فكذلك إن لم يقبل غيرها فلها أن ترضعه بأجر، إلا أن يعسر الأب فيكون عليها رضاعه. قالت: أنا أرضعه بأجرة،
لأن رضاعه على الأب مع اليسر من حق الزوجة على الزوج، ومع العسر من حق الولد على الأم، ويكون الولد حينئذ بمنزلة من لا أب له، فعلى الأم رضاعه وإن كانت ذات شرف. [ ص: 2177 ] ويستوي عند عسر الأب ذات الشرف والدنيئة؛
وإذا كانت الإجارة على الأب إذا كان قادرا عليها، وإن كانت ممن يرضع مثلها فلم يكن لها لبن، أو كان فانقطع، أو كان دون كفاية الولد لقلته، أو مرضت، أو حملت، لم يكن عليها أن تستأجر له. كان معدما والأم موسرة،
وفي "كتاب محمد": عليها أن تستأجر له. وليس بحسن؛ لأن رضاعه لم يكن في ذمتها فتكلف شراؤه إذا عجزت عنه، وإنما كان معلقا بلبنها، فإذا لم يكن لها، لم تطالب بالعوض عنه.