باب في والنفقة على زوجته وولده وما يحل من ديونه ومهور نسائه ومتى يورث ضرب الأجل لامرأة المفقود
وقال لا تعتد امرأة المفقود، وإن أقامت أربع سنين بغير أمر السلطان وإن أقامت عشرين سنة ثم رفعت أمرها إلى السلطان نظر في ذلك، وكتب إلى الموضع الذي خرج إليه، فإن يئس منه ضرب لها أربع سنين، ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرا من غير أن يأمرها السلطان بذلك. مالك:
يريد: ما لم تكمل عشرين سنة تمام التعمير، فإنه يموت ولا يستأنف الأجل.
فإن فقد ببلده كشف عن خبره زوجته وأقاربه، وإخوانه وأهل محلته وسوقه، فإن كان عندهم منه علم أنه كان يريد بلدا كتب إليه، وإن لم يكن عندهم علم كشف عنه في المواضع التي يشبه أن يتوجه إليها أو إلى ما [ ص: 2240 ] قاربها، وإن فقد بعد خروجه كشف عنه في البلد الذي توجه إليه وفيما قاربه، وإن فقد بعد وصوله كشف عنه في الموضع الذي وصل إليه، وفيما قاربه مما يتصرف مثل هذا إليه، ويكتب بحليته وصفته وصنعته إن لم يكن مشهور العين، وإن كان له بذلك الموضع إخوان سألهم عنه، وإن ولا يخلو المفقود من أن يكون فقده ببلده أو بعد خروجه عنه، أو في البلد الذي توجه إليه، لم يقتصر في الكشف عنه على الناحية التي يقصدها الخارج للتجارة؛ لأن هذا يتنقل من بلد إلى بلد خوفا من أن يظهر عليه، فإن لم يعلم له حياة ولا موت كان لزوجته أن تقوم بالفراق. كان المفقود مطلوبا بدم أو كان عبدا أبق من سيده
وقد اختلف في أربعة مواضع:
أحدها: فيمن يتولى الكشف عن خبره، هل ذلك إلى سلطان بلد المفقود، أو إلى أمير المؤمنين؟
والثاني: في مبتدأ الأربع سنين، أهو من يوم الرفع، أو من يوم اليأس.
والثالث: في تعليل الاقتصار على أربع سنين.
والرابع: هل عليها إحداد في العدة؟ [ ص: 2241 ]
والمعروف من المذهب: أن الكشف عن خبره إلى سلطان بلده، وإن تولى ذلك بعض ولاة المياه وكان المفقود منهم، أجزأ.
قال لا يجوز في ذلك حكم سلطان غير الخليفة الذي تمضي كتبه في الدماء. وقال أبو مصعب: مالك: وقال في مختصر يضرب الأجل أربع سنين من يوم اليأس. ابن عبد الحكم: من يوم الرفع.
وأما فقيل: لأنها غاية مدة الحمل. وقيل: المدة التي تبلغها المكاتبة في بلدان الإسلام سيرا أو رجوعا. وقيل: لا علة لذلك إلا الاتباع، لقول الاقتصار على أربع سنين، - رضي الله عنه -، وهو أحسن. [ ص: 2242 ] عمر
ويفسد التعليل بمدة الحمل بقوله: لو أقامت عشرين سنة، ثم رفعت أمرها إنها تستأنف الأجل، وبقولهم: إذا كانت الزوجة صغيرة أو الزوج صغيرا إنه يضرب الأجل أربع سنين، وإن لم يكن هناك موضع يخشى منه الحمل، وكذلك إذا كانت يائسة.
ويبطل التعليل بأنه مدة الكشف على قول إنها تستأنف الأربع سنين من بعد اليأس، وعلى قوله أيضا: إن الأربعة من يوم الرفع؛ لأنه لو رجع الكشف ورفع بعد سنة لانتظرت تمام الأربع سنين، ولو كانت العلة لأنها أمد الكشف لم تنتظر تمام الأربع. مالك
وقال محمد في العبد يهرب من سيده فتطول إقامته، ومن يهرب من دم وهو حر أو عبد: إنه كالمفقود.
وقال وكذلك مالك: من أخذ متاع زوجته وهرب به من جوف الليل؛ يضرب له أجل المفقود.
وأرى أن يطلق على هؤلاء عند رجوع الكشف بعدم العلم، بخلاف المفقود؛ لأنهم فروا اختيارا، ومعلوم أنهم قاصدون للتخلف عن الرجوع، هذا [ ص: 2243 ] بالإباق، وهذا لئلا يؤخذ بالدم، والآخر لئلا يظهر عليه.
وكذلك يطلق عليه بالضرر، وليس بمنزلة من لم يكن خروجه من بلده لمثل هذا؛ لأن الغالب رغبته في الرجوع إلى أهله، فهو بين ميت وممنوع من الرجوع، وهؤلاء مختارون للإقامة. من فر من دين كثير أعسر به،
وقال الشيخ إنما قال أبو بكر الأبهري: مالك لأن الضرر فيه أكثر من ضرر المولي إذ كأن المفقود عدم منه الوطء. يفرق بين المفقود وبين امرأته إذا طالت المدة؛
قال الشيخ - رضي الله عنه -: ولا يلزم على هذا الأسير: لأن المنع في الأسير من غيره.
وقال محمد: إن كانت الزوجة صغيرة فلم تبلغ الوطء وهو صغير أو كبير فذلك سواء، وهو مفقود مثل غيره في الأجل والعدة، ويقوم للصغيرة أبوها. ويلزم على قول ألا يطلق على الصغير وإن كانت كبيرة، ولا على الكبير إذا كانت صغيرة؛ لأنه لم يأت القيام بالضرر بعدم الوطء، وقد تقدم ذكر الاختلاف في الإحداد. [ ص: 2244 ] الأبهري