فصل [فيمن قال: إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه وأعتقه عن ظهاره]
وإن قال: إن اشتريت فلانا فهو حر، فاشتراه وأعتقه عن ظهاره- لم يجزئه، وقال محمد: فإن قال: إن اشتريته فهو حر عن ظهاري أجزأه.
فإن لم يجزئه؛ لأنه معتق عليه بنفس الشراء، فإن كان عليه دين فأذن له غرماؤه أن يشتريه ويعتقه عن ظهاره- أجزأه، وكذلك إذا اشتراه بغير إذنهم، فأذنوا له أن يعتقه عن ظهاره؛ لأن الدين يمنع من عتقه، فإذا صح ألا يعتق وأن يباع للغرماء- صح إذنهم في عتقه عن الواجب. اشترى أباه فأعتقه عن ظهاره أو نوى ذلك قبل الشراء
وإن أعتقه عنه أجنبي بغير أمره أجزأه على قول وأبوه وغيره في ذلك سواء؛ لأنه لم يملكه ولم يعتق عليه، ويختلف إذا كان بأمره، فقيل في هذا: الأصل كأنه ملكه لما كان بأمره، فلا يجزئه. وقيل: يجزئه؛ لأنه لم يملكه. ابن القاسم،
وقد اختلف فيمن زوج عبده ثم أعتق السيد ذلك العبد عن زوجته [ ص: 2338 ] بأمرها، هل ينفسخ ذلك النكاح، ويكون ذلك ملكا منها له قبل العتق أو لا ينفسخ؟
قال محمد: ولو اشتراه وصي فأعتقه لأجزأه عن الميت من رقبة واجبة أوصى بها، ما لم يكن الميت هو الذي أوصى بشرائها؛ لأنه لو اشتراه هو نفسه لم يجزئه، وليس هذا بالبين، وأرى أن يجزئه؛ لأنه لا يعتق على ميت، وليس بمنزلة ما لو اشتراه هو قبل موته. ولو قال: اشتروه ليخلص من ملك فلان، لإساءته إليه، ولا تعتقوه- لم يعتق؛ لأنه لا يعتق على ميت، وإذا جاز أن يبقى رقيقا صح أن يوصي بأن يعتق عن ظهاره.
واختلف إذا صحت العودة من المظاهر ثم كفر عنه غيره، فقيل: تجزئه الكفارة كانت بأمره أو بغير أمره. وقيل: إن كانت بأمره أجزأته، وإن كانت بغير أمره لم تجزئه.
وقال في كتاب محمد: لا تجزئه، وإن كانت بأمره، وقال أشهب فيمن ابن القاسم لم يجزئه إذا كانت العطية بشرط أن يعتقها، والأول أصوب، لحديث أعطته زوجته رقبة يعتقها عن ظهاره منها - رضي الله عنها - قالت: دخل علينا رجل ونحن بمنى بلحم بقر، فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 2339 ] عن أزواجه البقر. وكنا قد تمتعن، فذبح عنهن عن المتعة بغير أمرهن. عائشة ولحديث قال: ابن عباس أخرجه قال رجل: يا رسول الله، إن أختي نذرت أن تحج، وإنها ماتت أفأحج عنها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟ " قال: نعم، قال: "فاقض دين الله فهو أحق بالقضاء". البخاري.
فجعل فعله قضاء، وإن كان بغير وكالة، واختلف إذا فقال اشترى عبدا بشرط العتق ليعتقه عن ظهاره، مالك في المدونة: لا يشترى بشرط العتق؛ لأنها ليست برقبة تامة، وفيها شرط يضع من ثمنها. وابن القاسم
وقال في شرح ابن كنانة ابن مزين: إن كان جاهلا لم يؤمر بالإعادة.
وقال إن كان عالما أن ذلك لا ينبغي له لم يجزئه، وإن كان لا وضيعة في ثمنها، وإن كان جاهلا ولا وضيعة في ثمنها أجزأه، وإن كان فيه وضيعة لم يجزئه. ابن القاسم:
وقال ابن القصار فيمن - أجزأه، وسواء كان بجعل جعله له مثل أن يقول: أعتقه عني ولك ألف درهم، أو بغير جعل، الجميع جائز. قال لرجل: أعتق عبدك عني عن كفارتي، [ ص: 2340 ] فأعتقه
وهذا أصوب على أصل لأنه إذا أجزأ، وهو كله هبة بغير عوض، فأحرى إذا كان بيعا ولم يكن في الثمن وضيعة، وأحرى إذا اجتمع فيه هبة وبيع، فالمحاباة هبة، والبيع ما سواها، ومن ابن القاسم؛ فإن كان المال في يدي العبد جاز؛ لأنه انتزاع، وكذلك إن أعتقه على أن يؤخره به إلى أجل جاز؛ لأنه كان قادرا على أن ينتزعه، فتركه في يديه، وتأخيره به معروف من السيد وزيادة خير، وإن كان العبد معسرا بالمال لم يجز؛ لأن تلك المبايعة باعه نفسه بما جعل عليه، ولا يصح أن يبيعه نفسه ويعتقه عن ظهاره، ولو وضع عنه المال بعد ذلك لم يجزئه؛ لأن العتق يرد على وجه المبايعة. [ ص: 2341 ] أعتق عبده عن ظهاره على مال