[ ص: 2346 ] فصل [في عجز المظاهر عن الصوم]
عجز المظاهر عن الصوم يبيح الكفارة بالإطعام، وذلك على وجوه: المرض وضعف البنية، والمتعطش الذي لا يستطيع معه الصوم، ويختلف إذا كان في زمن حر، ولو كان في زمن برد لقدر على الصيام، فعلى قول لا يجزئه الإطعام، ويصبر حتى يصير إلى زمن البرد فيصوم، قياسا على المريض يطول به المرض، ولا يجد ما يشتري به رقبة- أنه يصبر حتى يصح، ولا يجزئه الإطعام. وعلى قول ابن القاسم: يجوز له الإطعام، وليس عليه أن يصبر إلى زمن البرد، وإن كان في سفر لم تجزئ الكفارة بالإطعام، وسواء ظاهر في السفر، أو الحضر ثم سافر، وهو في ذلك بخلافه في صوم رمضان، لقوله سبحانه في المظاهر أشهب: فمن لم يستطع [المجادلة: 4] ، وهذا مستطيع، وأباح الله عز وجل الفطر في رمضان إذا كان في السفر وإن كان مستطيعا، وقد ينعكس الجواب في المقيم، فيتوجه الخطاب بصوم رمضان دون المظاهر: لأن هذا شهر، وهذا شهران، فقد يعجز عن متابعة شهرين، ولا يعجز عن متابعة شهر.
وأما المريض فهو على أربعة أوجه: قريب البرء، وبعيده، مؤيس من البرء، ومشكوك فيه، فإن كان البرء قريبا، لم يجزئه الإطعام، ويجوز ذلك مع [ ص: 2347 ] اليأس. واختلف إذا كان يرجى بعد بعد أو شك فيه، فقال لا يجوز له الإطعام. وأجازه ابن القاسم: وهو أبين، لقول الله سبحانه: أشهب، فمن لم يستطع وهذا غير مستطيع، ولا يعترض هذا بقليل المرض؛ لأن القليل في معنى العدم، وهذا إذا كان مشكوكا فيه أبين، وقد أباح الله الصيام لمن لم يجد رقبة، وإن كان مشكوكا فيه هل يوسر؟ وليس يقطع على الفقير أنه لا يوسر بمثل ذلك، وقد يكون موسرا ببعض ثمن الرقبة، أو يكون له ثلاثة أرباع رقبة، ولا يملك غيرها فيجوز له الصوم مع رجاء اليسر لذلك القدر الذي عجز عنه. [ ص: 2348 ]